جماعة من الثقات رووه عن ابن جابر، فلم يذكروا أبا إدريس بين بسر وواثلة، وفيهم من صرّح فيه بسماع بسر من واثلة.
قال أبو حاتم الرازي: يرون أن ابن المبارك وَهِمَ في هذا، وكثيرًا ما يُحَدِّث بسر عن أبي إدرشى، فغَلِطَ ابن المبارك، وظنّ أن هذا مما روى عن أبي إدريس، عن واثلة، وقد سمع هذا بسر من واثلة نفسه.
قال: قد ألّف الخطيب الحافظ في هذا النوع كتابًا سماه "تمييز المزيد في متصل الأسانيد" وفي كثير مما ذكره نظر؛ لأن الإسناد الخالي عن الراوي الزائد إن كان بلفظة "عن" في ذلك، فينبغي أن يحكم بإرساله، ويجعل معللًا بالإسناد الذي ذكر فيه الزائد، وإن كان فيه تصريح بالسماع، أو بالإخبار، كما في المثال الذي أوردناه فجائز أن يكون قد سمع ذلك من رجل عنه، ثم سمعه منه نفسِهِ، فيكون بُسْر في هذا الحديث قد سمعه من أبي إدريس، عن واثلة، ثم لقي واثلة، فسمعه منه، كما جاء مثله مصرحاً به في غير هذا، الفهم إلا أن توجد قرينة تدل على كونه وهمًا، كنحو ما ذكره أبو حاتم في المثال المذكور، وأيضًا فالظاهر ممن وقع له مثل ذلك أن يذكر السماعين، فإذا لم يجئ عنه ذكر ذلك حملناه على الزيادة المذكورة، والله أعلم. انتهى كلام ابن الصلاح رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله عنه: لكن الإمام مسلمًا رحمه الله يرى صحة الطريقين، فلذا أخرج الحديث بالطريقين، وهو الظاهر، فإن ابن المبارك إمام حافظٌ ثبتٌ تقبل زيادته، ولم ينفرد بذلك، بل تابعه عليه بشر بن بكر، كما سبق عن الدارقطنيّ، وبشر ثقةٌ، فاتّفاقهما يدلّ على أن الحديث محفوظ بزيادة أبي إدريس، كما أنه محفوظ بحذفه، فالظاهر ما مشى عليه مسلم رحمه الله، من صحّة الطريقين، فتامله بالإنصاف.
وقد أخرج ابن حزم رحمه الله الحديث في "الْمُحَلى"(٢٩/ ٤) محتجًا به، وهاك نصه: حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور، ثنا أحمد بن الفضل الدينوري، ثنا محمد بن جرير الطبري، ثنا محمد بن بشار بندار، ثنا عبد