إنما يروي عن عروة، هذا خطأ، ثم قال: من يَرْوِي هذا؟ قلت: حماد بن سلمة، عن خالد الحذّاء، فقال: قال غير واحد: عن خالد الحذّاء، ليس فيه: سمعت، وقال غير واحد أيضًا عن حماد بن سلمة: ليس فيه: سمعت، وقال أحمد في موضع آخر: أحسن ما رُوِيَ في الرخصة - يعني في استقبال القبلة - حديثُ عِرَاك، وإن كان مرسلًا، فإن مَخْرَجه حسن.
وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال موسى بن هارون: لا نعلم لِعِراك سماعًا من عائشة.
وقال الزُّبير بن بَكّار، عن محمد بن الضحاك، عن المنذر بن عبد الله: إن عِرَاك بن مالك كان من أشدّ أصحاب عمر بن عبد العزيز علي بني مروان في انتزاع ما حازوا من الفيء والمظالم من أيديهم، فَلَمّا وَلي يزيد بن عبد الملك وَلَّى عبد الواحد النَّصْريّ على المدينة، فَقَرَّب عِرَاكًا، وقال: صاحب الرجل الصالح، وكان يَجلس معه على سريره، فبينا هو يومًا معه، إذ أتاه كتاب يزيد: أَنِ ابْعَث مع عِرَاك حَرَسِيًّا حتى يُنْزِله دَهْلَك، وخُذ من عِرَاك حَمُولته، فقال عبد الواحد لحرسيّ: خذ بيد عِراك فابتع من ماله راحلةً، ثم توجه إلى دَهْلَك حتى تُقِرّه بها، ففعل الْحَرسيّ ذلك، وما تركه يَصِل إلى أمه، قال: وكان أبو بكر بن حزم قد نَفَى الأحوص الشاعر إلى دَهْلَك، فلما ولي يزيد بن عبد الملك أرسل إلى الأحوص، فأقدمه عليه، فمدحه الأحوص، فأكرمه، وقال ضِمَام بن إسماعيل، عن عُقَيل بن خالد: كُنت بالمدينة في الْحَرَس، فلما صليتُ العصر إذ برجل يتخطى الناس، حتى دنا من عِرَاك بن مالك، فلطمه حتى وقع، وكان شيخًا كبيرًا، ثم جَرّ برجله، ثم انطلق به حتى حَصّل في مركب في البحر إلى دَهْلك، فكان أهل دهلك يقولون: جزى الله عنا يزيد خيرًا، أخرج إلينا رجلًا عَلّمنا اللهُ الخيرَ على يديه.
قال ابن سعيد وغيره: مات بالمدينة في خلافة يزيد بن عبد الملك، قال الحافظ: فإن صحّ هذا، فمقتضاه أنه لم تَطُل إقامته بدهلك، ولم أر من صَرّح بأنه مات بالمدينة غير ابن سعد، وكلهم قالوا: مات في زمن يزيد بن عبد الملك.