للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكراهة؛ لسوء فعله، وفي التنزيل: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا} [الأعراف: ١٢٦] على اللغة الأولى: أي ما تطعَنُ فينا، وتَقْدَحُ. وقيل: ليس لنا عندك ذنب، ولا ركِبنَا مكروهاً، قاله في "المصباح".

وقال في "اللسان": معنى نَقِمتُ: بالغت في كراهية الشيء، وأنشد بعضهم [من الخفيف]:

مَا نَقِمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا … أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ إِنْ غَضِبُوا

يروى بالفتح والكسر.

وقال الإمام ابن الملقّن - رحمه الله -: واختُلف في معناه على ثلاثة أقوال:

(أحدها): يُنكِر.

(وثانيها): يَكرَه.

(وثالثها): يَعيب، وقد فُسّر قوله تعالى: {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} الآية [المائدة: ٥٩] بـ"يكرهون" و"ينكرون". فإن فسّرناه بـ "ينكر" فإن معناه: أنه لا عُذر له في المنع؛ إذ لم يكن موجبه إلا أن كان فقيراً، فأغناه الله، وذلك ليس بموجب له، فلا موجب البتّة، وهذا من باب قوله [من الطويل]:

وَلَا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ … بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ

فيقصدون النفي على سبيل المبالغة في الإثبات؛ إذ المعنى أنه لم يكن لهم عيبٌ إلا هذا، وهذا ليس بعيبٍ، فلا عيب فيهم البتّة، وكذلك المعنى هنا إذا لم يُنكر ابن جميل إلا كون الله أغناه بعد فقره، فلم ينكر مُنكَراً أصلاً، فلا عذر له في المنع، وكذلك إن فسّرناه بـ "يَكره"؛ أي: ما يكره إخراج الزكاة على ما تقدّم.

ويقال: نَقِمَ الإنسان: إذا جعله مؤدّياً إلى كفره النعمة، فالمعنى أن غناه أدّاه إلى كفر نعمة الله تعالى بالمنع، فما ينقم؛ أي: ما يكره إلا أن يكفر النعمة، وأما تفسيره بـ "يَعِيبُ" ففيه بُعْدٌ. انتهى كلام ابن الملقّن - رحمه الله - (١).

(إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيراً، فَأَغْنَاهُ اللهُ) زاد في رواية البخاريّ: "ورسوله"، قال في "الفتح": إنما ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه لأنه كان سبباً لدخوله في الإسلام،


(١) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" ٥/ ٧٧ - ٧٨.