للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاع من قَمْحٍ" (١)، قال معمر: وبلغني أن الزهريّ كان يرويه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وروى الدارقطنيّ عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعَير، عن أبيه أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أدّوا صاعاً من قَمح، أو قال: برّ، عن الصغير، والكبير، والذكر والأنثى، والحرّ والمملوك، والغنيّ والفقير، أما غنيّكم، فيزكّيه الله، وأما فقيركم، فيردّ عليه أكثر مما أعطى" (٢).

ومال ابن العربيّ المالكيّ إلى مقالة أبي حنيفة في ذلك، فقال: والمسألة له قوئة، فإن الفقير لا زكاة عليه، ولا أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأخذها منه، وإنما أمر بإعطائها له، وحديث ثعلبة لا يُعارض الأحاديث الصحاح، ولا الأصول القويّة، وقد قال: "لا صدقة إلا عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول"، وإذا لم يكن هذا غنيًّا، فلا تلزمه الصدقة. انتهى.

قال الحافظ وليّ الدين: وهو ضعيف، وليس التمسّك في ذلك بحديث ثعلبة، وإنما التمسّك بالعموم الذي في قوله: (فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر من رمضان على الناس"، وقد ذكر هو في أول كلامه: إلا أنا اعتبرنا القدرة على الصاع؛ لما عُلِم من القواعد العامّة، فأخرجنا عن ذلك العاجز عنه، والله أعلم. انتهى كلام وليّ الدين - رحمه الله - (٣).

وقال الشوكانيّ - رحمه الله - في "النيل": قد اختُلف في القدر الذي يُعتبر ملكه لمن تلزمه الفطرة، فقال أبو حنيفة، وأصحابه: إنه يُعتبر أن يكون المخرج غنيًّا غنى شرعيًّا، واستُدلّ لهم بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الصدقة ما كان عن ظهر غنى"، أخرجه أحمد، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، مرفوعاً، وبالقياس على زكاة المال.

ويجاب بأن الحديث لا يفيد المطلوب؛ لأنه بلفظ: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى"، كما أخرجه أبو داود. انتهى.

وأخرجه البخاريّ أيضاً بهذا اللفظ، وهو مشعر بان النفي في رواية أحمد


(١) هو موقوف، رجاله ثقات.
(٢) ضعيف؛ لكثرة اضطرابه سنداً، ومتناً. انظر: "نصب الراية" ٢/ ٤٠٦ - ٤١٠.
(٣) "طرح التثريب" ٤/ ٦٥ - ٦٦.