للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إخراج زكاة الفطر على المرأة في مالها، لا على الزوج، هو الصواب؛ لأن الوجوب عليها بنصّ الحديث، فلا يجب الإخراج على غيرها، وهو الزوج، وحجة من أوجب على الزوج هو القياس على النفقة، والقياس في مقابلة النصّ غير صحيح، ومن حجتهم أيضاً الحديث المذكور، وقد عرفت أنه لا يثبت، فلا يصلح للاحتجاج به، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم في إخراج زكاة الفطر عن الصغير الذي لم يبلغ، هل هي في ماله، إن كان له مالٌ، أو هي على أبيه؟:

ذهب مالكٌ، والشافعيّ، وأحمد، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، والجمهور إلى أنها في ماله، إن كان له مالٌ، فإن لم يكن له مالٌ، فعلى من عليه نفقته، من أبٍ وغيره. وقال محمد بن الحسن: هي على الأب مطلقاً، ولو كان للصغيًر مالٌ. وقال ابن حزم: هي في مال الصغير، إن كان له مالٌ، فإن لم يكن له شيء سقطت عنه، ولا تجب على أبيه. وقد حكى ابن المنذر الإجماع على خلافه. وقال ابن العربيّ: لا خلاف بين الناس أن الابن الصغير إذا كان له مالٌ أن زكاة الفطر تُخرج من ماله. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الأولون من أنها تجب في مال الصبيّ، إن كان له مالٌ، وإلا فعلى من تلزمه نفقته هو الأرجح عندي، والله تعالى أعلم.

وقال الشافعيّة: لا يختصّ ذلك بالصغير، بل متى وجبت نفقة الكبير بزمانه، ونحوها، وجبت فطرته، فلو كان الابن الكبير في نفقة أبيه، فوجد قُوْتَه ليلة العيد ويومه لم تجب فطرته على الأب؛ لسقوط نفقته عنه في وقت الوجوب، ولا على الابن؛ لإعساره، وكذا الابن الصغير؛ إذا كان كذلك في الأصحّ.

وحكوا عن سعيد بن المسيّب، والحسن البصريّ أنها لا تجب إلا على من صلّى، وصام. وعن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنها لا تجب إلا على من أطاق الصوم والصلاة. قال الماورديّ: وبمذهبنا قال سائر الصحابة، والتابعين، وجميع الفقهاء. انتهى. ذكره وليّ الدين (١).


(١) "طرح التثريب" ٤/ ٥٩ - ٦٠.