للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (فَعَدَلَ النَّاسُ)؛ أي: جعلوه مثله، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: وعِدْلُ الشيءِ بالكسر مثلُهُ من جنسه، أو مقدارِهِ، قال ابن فارس: والْعِدْلُ: الذي يُعادل في الوزن والقدر، وعَدْلُهُ بالفتح: ما يقوم مقامه من غير جِنسه، ومنه قوله تعالى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥]، وهو مصدر في الأصل، يقال: عَدَلْتُ هذا بهذا عدْلاً، من باب ضرب: إذا جعلته مثله، قائماً مقامه، قال الله تعالى: {ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: ١]. انتهى (١).

قمال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن المناسب هنا فتح العين؛ لأنه من غير الجنس، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: المراد بالناس هنا معاويةُ - رضي الله عنه -، ومن تبعه، فقد وقع التصريح به في حديث أيوب، عن نافع، أخرجه الحميديّ، في "مسنده"، عن سفيان بن عُيينة: حدّثنا أيوب، ولفظه: "صدقة الفطر صاع من شعير، أو صاع من تمر"، قال ابن عمر: فلما كان معاوية عدل الناس نصف صاع برّ بصاع من شعير.

وهكذا أخرجه ابن خُزيمة في "صحيحه" من وجه آخر عن سفيان، وهو المعتمد، وهو موافق لقول أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - الآتي بعد ثلاثة أحاديث، وهو أصرح منه.

وأما ما وقع عند أبي داود من طريق عبد العزيز بن أبي روّاد، عن نافع، قال فيه: فلما كان عمر كثرت الحنطة، فجعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء، فقد حكم مسلم في "كتاب التمييز" على عبد العزيز فيه بالوَهَم، وأوضح الردّ عليه، وقال ابن عبد البرّ: قول ابن عُيينة عندي أولى.

وزعم الطحاويّ أن الذي عدل عن ذلك عمر، ثم عثمان، وغيرهما، فأخرج عن يسار بن نُمير أن عمر قال له: إني أحلف لا أعطي قوماً، ثم يبدو لي، فأفعل، فإذا رأيتني فعلت ذلك، فأطعم عنّي عشرة مساكين، لكلّ مسكين نصف صاع من حنطة، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير.

ومن طريق أبي الأشعث، قال: خطبنا عثمان، فقال: أدّوا زكاة الفطر مدّين من حنطة، وسيأتي الكلام على ذلك، إن شاء الله تعالى.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٩٦.