٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخيه الأول والثاني، فما أخرج لهما الترمذيّ، وسوى مزاحم، فانفرد به المصنّف والنسائيّ، وأما شيخه الثالث، فممن اتّفق الجماعة على الرواية عنهم بلا واسطة.
٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالكوفيين، سوى زهير، فنسائيّ، ثم بغداديّ، ومجاهد، فمكيّ، وأبو هريرة -رضي الله عنه-، فمدنيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم -: "دِينَارٌ أنفَقْتَهُ) قوله: "دينار" مبتدأ، خبره جملة "أعظمها أجرًا … إلخ"، وقوله: "أنفقته … إلخ " في محلّ رفع صفة لـ "دينارٌ"، وما بعده عطف عليه (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي: في الجهاد، وقيل: المراد عموم سبيل الطاعة، كالحجّ، وطلب العلم (وَدِينَارٌ أنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ) أي: في فكّها، أو إعتاقها (وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أنفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ) وقوله: (أَعْظَمُهَا) مبتدأ (أَجْرًا) منصوب على التمييز، وخبر المبتدأ قوله: (الَّذِي أنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ") والجملة خبر "دينارٌ"، كما مرّ آنفًا، وفيه دليلٌ على أن إنفاق الرجل على أهله أفضل من الإنفاق في سبيل الله، ومن الإنفاق في الرقاب، ومن الصدقة على المساكين، وإنما كان أعظمها أجرًا؛ لكونه فرضًا، وهي تطوّع، والفرض أفضل من التطوّع، ولأنه صدقةٌ وصلةٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسالتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٢/ ٢٣١١](٩٩٥)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد"(٧٥١)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٤٧٣ و ٤٧٦)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٨٠)، وفوائد الحديث تقدّمت في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.