للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معشر النساء، تصدّقن، ولو من حُليّكنّ، فإن أكثركنّ أهلُ جهنّم يوم القيامة".

(وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُن") بضمّ الحاء المهملة، وكسر اللام، وتشديد الياء جمعاً، ويجوز فتح الحاء، وسكون اللام مفردًا.

(قَالَتْ) زينب (فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ) أي: ابن مسعود زوجِهَا -رضي الله عنهما- (فَقُلْتُ: إِنَّكَ رَجُلٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ) كناية عن الفقر، وقلّة المال (وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ، فَأَتِهِ، فَاسْأَلهُ) وفي نسخة: "فَسَلْهُ" (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ) قال الطيبيّ رحمه الله: الفاء تفصيل للمقدّر المسئول عنه؛ أي: اسأله هل يجزي عني أن أتصدّق عليك، وعلى أولادك أم لا؟، فإن كان يجزي عني صرفتها إليكم، وإن لم يجز صرفتها إلى غيركم. انتهى (١).

وقوله: (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَجْزِي عَنِّي) جواب الشرط محذوف دلّ عليه ما بعده: أي: صرفتها إليكم.

وقوله: "يَجْزي" بفتح حرف المضارعة: أي: يكفي، وكذا قولها بعدُ: "أتَجْزي الصدقةُ عنهما؟ " بفتح التاء، أفاده النوويّ رحمه الله (٢).

وقال الفيّوميّ رحمه الله: جَزَى الأمرُ يَجْزي جزاءً، مثلُ قَضَى يَقْضي قَضَاءً وزنًا ومعنًى، وفي التنزيل: {يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} الآية [البقرة: ٤٨]، وفي الدعاء: "جزاه الله خيرًا"؛ أي: قضاه له، وأثابه عليه، وقد يُستَعْمل أجزأ بالألف والهمز بمعنى جَزَى، ونقلهما الأخفش بمعنى واحدٍ، فقال: الثلاثيّ من غير همز لغة الحجاز، والرباعيّ المهموز لغة تميم. انتهى (٣).

وقوله: (وَإِلَّا) مركبّ من "إِن" الشرطيّة، و"لا" النافية؛ أي: وإن لم يَجْزِ عنّي (صَرَفْتُهَا) أي: الصدقة (إِلَى غَيْرِكُمْ) أي: إلى من يجوز لي صرفه له، والضمير لعبد الله بن مسعود، ولأيتام لها، كما يتبيّن مما سيأتي.

وفي رواية البخاريّ: "وكانت زينب تنفق على عبد الله، وأيتام في حجرها، فقالت لعبد الله: سَلْ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أيجزئ عنّي أن أنفق عليك، وعلى أيتام في حجري من الصدقة؟ فقال: سلي أنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … ".


(١) "الكاشف"٤/ ١٥٦٣.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ٨٧.
(٣) "المصباح المنير"١/ ١٠٠.