للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدفونة فيها (١).

وقال الطيبيّ: قوله: "أفلاذ كبدها" استعارة مكنيّة مستلزمة للتخييليّة، شَبَّهَ الأرضَ بالحيوان، ثم خيّل لها ما يُلازم الحيوان من الكبد، فأضاف إليها الكبد على التخييليّة؛ لتكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقية، ثم فرعّ على الاستعارة القيء ترشيحًا. انتهى (٢).

(أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ) بضم الهمزة والطاء، وهو جمع أُسْطوانة، وهي السارية، والعمود، وشَبّهَهُ بالأسطوان؛ لِعِظِمه وكثرته (٣). وقال القاري: وفي نسخة صحيحة -يعني: نسخة "المشكاة"- "الأسطوانة"، فهي واحدة، والأوّل جنس، وهو الأنسب بجمع الأمثال. انتهى.

وقوله: (مِنَ الذَّهَب وَالْفِضَّةِ) بيان لـ "أفلاذ كبدها"، وقال القاضي البيضاويّ: معناه: أن الأَرضَ تُلقي من بطنها ما فيه من الكنوز، وقيل: ما رسخ فيها من العروق المعدنيّة، ويدلّ عليه قوله: "أمثال الأسطوان"، وشبّهها بأفلاذ الكبد؛ لأنها أحبّ ما هو مخبّأ فيها، كما أن الكبد أطيب ما في بطن الجزور، وأحبّه إلى العرب، وشبّهها بأفلاذ الكبد هيئةً وشكلًا، كأنها قطعة الكبد المقطوعة طولًا. انتهى (٤).

قال القاريّ: ولعل الحديث فيه إشارة إلى قوله تعالى: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)} [الزلزلة: ١، ٢] (٥).

(فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ) أي: قاتل النفس ظلمًا (فَيَقُولُ: فِي هَذَا) أي: في طلب هذا الغرض، ولأجل تحصيل هذا المقصود، قال الطيبيّ -رحمه الله-: المشار إليه ليس عين ما قيل فيه، بل هو من جنسه، فيكون في الكلام تشبيهٌ، نحو قوله تعالى: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ} الآية [البقرة: ٢٥] (٦).


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٩٨.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ١١/ ٣٤٣٩.
(٣) "شرح النووي" ٧/ ٩٨.
(٤) راجع: "الكاشف" ١١/ ٣٤٣٨ - ٣٤٣٩.
(٥) "المرقاة" ١٠/ ٨٠.
(٦) "الكاشف" ١١/ ٣٤٣٩.