للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِم) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ، وَلَوْ بِشِق تَمْرَةٍ) -بكسر المعجمة-: أي: نصفها، أو جانبها؛ أي: ولو كان الاتّقاء بالتصدّق بشِقّ تمرة واحدة، فإنه يفيد (فَلْيَفْعَلْ) أي: ليتصدّق بها حتى يستر نفسه من النار، وفيه الحثّ على الصدقة، وأنه لا يمتنع منها لقلّتها، وأن قليلها سبب للنجاة من النار (١).

وفي رواية البخاريّ: "اتقوا النار، ولو بشقّ تمرة"، وفي رواية الطبرانيّ من حديث فضالة بن عُبيد -رضي الله عنه-، مرفوعًا: "اجعلوا بينكم وبين النار حجابًا، ولو بشِقّ تمرة"، ولأحمد من حديث أبن مسعود -رضي الله عنه-، مرفوعًا أيضًا، بإسناد صحيح: "ليَتَّقِ أحدكم وجهه النار، ولو بشقّ تمرة"، وله من حديث عائشة -رضي الله عنها-، بإسناد حسن: "يا عائشة استتري من النار، ولو بشقّ تمرة، فإنها تَسُدُّ من الجائع مَسدَّها من الشبعان"، ولأبي يعلى من حديث أبي بكر -رضي الله عنه- نحوه، وأتمّ منه، بلفظ: "تقع من الجائع موقعها من الشبعان"، وكأنّ الجامع بينهما في ذلك حلاوتها، قاله في "الفتح" (٢).

[تنبيه]: هذا الحديث مختصر من حديث عديّ بن حاتم -رضي الله عنه- الطويل، وقد ساقه البخاريّ -رحمه الله- في "كتاب المناقب" من "صحيحه" بطوله، فقال:

٣٥٩٥ - حدثني محمد بن الحكم، أخبرنا النضر، أخبرنا إسرائيل، أخبرنا سعد الطائي، أخبرنا مُحِلّ بن خليفة، عن عدي بن حاتم، قال: بينا أنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ أتاه رجل، فشكا إليه الفاقة، ثم أتاه آخر، فشكا إليه قطع السبيل، فقال: "يا عدي هل رأيت الْحِيرَة؟ " قلت: لم أرها، وقد أُنبئت عنها، قال: "فإن طالت بك حياة، لَتَرَيَنَّ الظعينةَ ترتحل من الحيرة، حتى تطوف بالكعبة، لا تخاف أحدا إلا الله" -قلت فيما بيني وبين نفسي: فأين دُعَّار طَيِّئٍ الذين قد سَعّرُوا البلاد- "ولئن طالت بك حياة، لتُفتَحَنّ كنوز كسرى"، قلت:


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ١٠١.
(٢) راجع: "الفتح" ٤/ ٣٢ - ٣٣.