والباقون تقدّموا في الباب الماضي، و"سليمان": هو الأعمش.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من سُداسيّات المصنّف -رحمه الله-، وله فيه إسنادان فصل بينهما بالتحويل.
٢ - (ومنها): أن رجاله كلهم رجال الجماعة، سوى شيخه بشر، كما أسلفته آنفًا.
٣ - (ومنها): أن نصفه الأول مسلسلٌ بالبصريّين، سوى ابن معين، فبغداديّ، ونصفه الثاني مسلسل بالكوفيين.
٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) عقبة بن عمرو البدريّ -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ) ولفظ البخاريّ في "الزكاة": "لما نزلت آية الصدقة، كنّا نُحامل … ". قال في "الفتح": كأنه يشير إلى قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية. انتهى.
وقال في "العمدة": قوله: "لما نزلت آية الصدقة" هي قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية [التوبة: ١٠٣]. قوله:(كنا نحامل) جواب: "لَمَّا"، ومعناه كنا نتكلف الحمل بالأجرة؛ لنكتسب ما نتصدق به، وفي رواية لمسلم:"كنا نحامل على ظهورنا"، ومعناه نحمل على ظهورنا بالأجرة، ونتصدق من تلك الأجرة، أو نتصدق بها كلِّها.
[فإن قلت]: "نُحَامِل" من باب المفاعلة، وهي لا تكون إلا بين اثنين.
[قلت]: قد يجيء هذا الباب بمعنى فَعَلَ، كما في قوله تعالى:{وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ}[آل عمران: ١٣٣]؛ أي: أسرعوا، ونحامل كذلك بمعنى نَحْمِل.
وقال صاحب "التلويح": قوله: "نُحامِل" قال ابن سِيدَهْ: تحامل في الأمر: تكلفه على مشقة وإعياء، وتحامل عليه كلّفه ما لا يطيق، وفيه نظر؛ لأن هذا المعنى لا يناسب هاهنا. انتهى (١).