للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويوجَّه بأن تأنيثها مجازيّ، ولأنه مفصول بالجارّ والمجرور، وهو منصوب على الحاليّة من "الخازن" (بِهِ) أي بالشيء المعطَى، وفي رواية النسائيّ: "بها" أي بالصدقة، وقوله: (نَفْسُهُ) مرفوع على الفاعليّة بـ "طيّبة"؛ يعني أن نفسه تكون راضيةً بذلك، وإنما قيّده به تنبيهًا على تحقّق النيّة؛ لأنّ بعض الناس، من أصحاب النفوس المريضة بالبخل لا يَرْضَى بخروج شيء من يده، وإن كان ملكًا لغيره، فربما يُخرِجها كارهًا بلا نيّة، فيفقد الأجر.

وقوله: (فَيَدْفَعُهُ إِلَى الّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ) تأكيدٌ لما سبق، وإنما أكّد به إشارة إلى أن هذه الأوصاف لا بدّ من اعتبارها كلّها في تحصيل أجر الصدقة للخازن، فإنه إن لم يكن مسلمأ لم يصحّ منه التقرّب، وإن لم يكن أمينًا كان عليه وزر الخيانة، فكيف يحصل له أجر الصدقة؟، وإن لم يَطِب بذلك نفسًا لم يكن له نيّةٌ، فلا يؤجر، أفاده القرطبيّ -رحمه الله- (١).

وقال المظهر -رحمه الله-: شَرَط في الحديث أربعة أشياء (٢): الإذن، وعدم نقصان ما أُمر به، وطيب النفس بإعطاء ما أُمِر به، فإن البخيل كلَّ البخيل مَن بَخِل بمال الغير، وأن يُعطي مَن أُمر بالدفع إليه، لا إلى غيره. انتهى (٣).

وقوله: (أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ،) خبر "الخازن"؛ يعني أنه يشارك صاحبَ المال في الصدقة، فيصيران متصدّقَين، ويكون هوأحَدَهُما، وهذا على أن الرواية بفتح القاف، وهو الذي صرّحوا به، قال في "العمدة": هو بلفظ التثنية كما يقال: "القلمُ أحدُ اللسانين"، و"الخالُ أحد الأبوين"؛ مبالغةً؛ أي الخادم والمتصدق بنفسه متصدقان، لا ترجيح لأحدهما على الآخر في أصل الأجر، قالوا: ولا يلزم منه أن يكون مقدار ثوابهما سواءً؛ لأن الأجر فضل من الله يؤتيه من يشاء. انتهى (٤).

وقال في "الفتح": ضُبِطَ في جميع الروايات بفتح القاف. انتهى. وقال


(١) راجع: المفهم ٣/ ٦٨. وراجع: الفتح أيضًا ٤/ ٥٦.
(٢) سيأتي في المسألة الثالثة أنها ستة أشياء، فتنبّه.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥٦٩.
(٤) "عمدة القاري" ٨/ ٢٩٠.