رُمّانةً، أو رغيفًا، ونحوهما، مما ليس له كثيرُ قيمةٍ ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة، بحيث يقابل مشي الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف، فأجر الوكيل أكثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلًا، فيكون مقدار الأجر سواءً. انتهى (١)، وهو بحث نفيسٌ.
٦ - (ومنها): حثّ الإسلام على تحقّق التناصح، والتناصر، والتعاضد في المسلمين، حتى يكون المجتمع مجتمع خير، وبركة، يسوده الإخاء والمحبّة، ويكونَ يدًا واحدةً على أعدائه، فشبّهه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو في تلك الحالة بالبنيان الذي يقوّي بعض أجزائه بعضه، كما شبّهه في حديثه الآخر بالجسد الواحد، فقد أخرج الشيخان من حديث النعمان بن بشير -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ترى المؤمنين في تراحمهم، وتوادّهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد؛ إذا اشتكى عضو، تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى".
وأخرجا أيضًا من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنها-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يُسْلِمُهُ، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فَرّج عن مسلم كربة، فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة".
وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يَخذُلُه، ولا يحقره، التقوى ها هنا" -ويشير إلى صدره ثلاث مرات- "بحسب امرئ من الشر، أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- المذكور أولَ الكتاب قال: