للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَيْتِهَا) أي من طعام زوجها الذي في بيتها المتصرّفة هي فيه، وإنما خصّ الطعام بالذكر؛ لغلبة المسامحة به عادة، وإلا فغيره مثله؛ إذ الغرض أن المالك أذن لها في ذلك صريحًا أو دلالة (١).

وقال في "العمدة": قيّد بالطعام؛ لأنه يُسْمَح به عادةٌ، بخلاف الدراهم والدنانير، فإن إنفاقها منها لا يجوز إلَّا بالإذن. انتهى (٢).

وقوله: (غَيْرَ مُفْسِدَةٍ) منصوب على الحال من "المرأة"؛ أي غير مسرفة في التصدّق بأن لا تتعدّى إلى الكثرة المؤدّية إلى النقص الظاهر، وهذا محمول على إذن الزوج لها بذلك صريحًا، أو دلالة، وقيل: هذا جارٍ على عادة أهل الحجاز، فإن عادتهم أن يأذنوا لزوجاتهم وخَدَمهم بأن يُضيفوا الأضياف، ويُطعموا السائل والمسكين والجيران، فحرّض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمته على هذه العادة الحسنة، والخصال المستحسنة، وهذا الحديث ليس فيه دلالة صريحة على جواز تصدّق المرأة من مال الزوج بغير إذنه، قال البغويّ -رحمه الله-: عامّة العلماء على أنه لا يجوز لها التصدّق من مال زوجها بغير إذنه، وكذا الخادم، والحديث الدالّ على الجواز أُخرج على عادة أهل الحجاز؛ لأنهم يُطلقون الأمر للأهل والخادم في التصدّق والإنفاق مما حَضَر في البيت عند حضور السائل، ونزول الضيف، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا توعي، فيوعي الله عليك". انتهى (٣).

وقال الخطّابيّ -رحمه الله- في "المعالم": هذا الكلام خارج على عادة الناس بالحجاز، وبغيرها من البلدان في أنّ ربّ البيت قد يأذن لأهله، ولعياله، وللخادم، مما يكون في البيت، من طعام، وإدام، ونحوه، ويطلق أمرهم في الصدقة منه؛ إذا حضرهم السائل، ونزل بهم الضيف، فحضّهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لزوم هذه العادة، واستدامة ذلك الصنيع، ووعدهم الأجر والثواب عليه، وأفرد كلّ واحد منهم باسمه، ليتسارعوا إليه، ولا يتقاعدوا عنه. انتهى كلام الخطّابيّ -رحمه الله- (٤).


(١) "المرعاة" ٦/ ٣٧٨.
(٢) "عمدة القاري" ٨/ ٢٩١.
(٣) راجع: "المرعاة" ٦/ ٣٨٦.
(٤) راجع: "معالم السنن" ٢/ ٢٥٦ - ٢٥٧.