للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يستأذن، فسأل هل التصدّق بغير إذن الموالي جائزٌ أم لا؟، فتأمل.

والحاصل أن تصدّق العبد بما جرى به العرف من الأشياء الخفيفة، مما لا يكون تبذيرًا جائزٌ، وإن لم يأذن له سيّده، كما هو ظاهر حديث عمير الآتي بعد هذا، فتبصّر، والحديث من أفراد المصنّف -رحمه الله-، وسيأتي الكلام على مسائله في الحديث التالي -إن شاء الله تعالى-.

وقال النوويّ -رحمه الله-: معنى قوله: "نصفان": قسمان، وإن كان أحدهما أكثر، كما قال الشاعر:

إِذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ شَامِتٌ … وَآخَرُ مُثْنٍ بِالَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ

وأشار القاضي إلى أنه يَحْتَمِل أيضًا أن يكون سواء؛ لأن الأجر فضلٌ من الله تعالى، يؤتيه من يشاء، ولا يُدرك بقياس، ولا هو بحسب الأعمال، بل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، قال النوويّ: والمختار الأول. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله القاضي هو المختار؛ لما ذَكَره، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٣٦٩] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ، يَعْنِي ابْنَ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ، قَالَ: أَمَرَنِي مَوْلَايَ أَنْ أقَدِّدَ لَحْمًا (٢)، فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ، فَأَطْعَمْتُهُ مِنْهُ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلَايَ، فَضَرَبَنِي، فَأتيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: "لِمَ ضَرَبْتَهُ؟ "، فَقَالَ: يُعْطي طَعَامِي بِغَيْرِ أَنْ آمرَهُ، فَقَالَ: "الْأَجْرُ بَيْنكُمَا").

رجال هذا الإسناد: أربعة:

١ - (قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) الثقفيّ، أبو رجاء البَغْلانيّ، ثقةٌ ثبتٌ [١٠] (ت ١٤٠) (ع) تقدم في "الإيمان" ٦/ ٥٠.


(١) شرح مسلم ٧/ ١١٣.
(٢) وفي نسخة: "أن أقدّد له لحمًا".