للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَنْ أُقَدِّدَ لَحْمًا) بضم الهمزة، وكسر الدال المشدّدة، من التقديد، وهو الشقّ طولًا، قال في "القاموس": القَدّ: القطع المستأصل، أو المستطيل، أو الشقّ طولًا، كالاقتداد، والتقديد في الكلّ. انتهى (١).

ووقع في بعض النسخ: "أن أَقْدِر لحمًا"، بفتح أوله، وضمّ الدال المخفّفة وكسرها، قال ابن الأثير -رحمه الله-: أي أطبُخ قِدْرًا من لحم. انتهى (٢).

وقال في "اللسان": قَدَرَ القِدرَ يَقْدِرُها -أي من باب ضرب- ويَقْدُرُها- أي من باب نصر- قَدْرًا: طَبَخَهَا، واقتدر أيضًا بمعنى قَدَرَ، مثلُ طَبَخَ واطَّبَخَ، ومرَقٌ مقدورٌ، وقَدِيرٌ: أي مطبوخٌ، والقَدِيرُ: ما يُطبَخ في القِدْر. انتهى (٣).

(فَجَاءَنِي مِسْكِين، فَأَطْعَمْتُهُ مِنْهُ) أي أعطيته من ذلك اللحم (فَعَلِمَ) بالبناء للفاعل (بِذَلِكَ) أي بإطعامي ذلك المسكين من ذلك اللحم (مَوْلَايَ) مرفوع على الفاعليّة بـ "عَلِمَ" (فَضَرَبَنى) أي تأديبًا حيث أساء بذلك الإطعام في نظره (فَأتَيْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ) أي ضرب مولاه له لما ذُكر (فَدَعَاهُ) أي طلب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- آبي اللحم أن يحضر عنده حيث شكاه عبده (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("لِمَ ضَرَبْتَهُ؟ "، فَقَالَ: يُعْطي طَعَامِي) أي إنما ضربته لإساءته بإعطائه طعامي للمسكين (بِغَيْرِ أَنْ آمُرَهُ) أي بغير إذني له بذلك (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا") تعليل لمحذوف؛ أي لا تضربه بذلك؛ لأن الأجر الحاصل بتصدّقه بمالك كائن بينهما.

وقال في "المرعاة": أي إن رضيت بذلك يحلّ له إعطاء مثل هذا، مما يجري فيه المسامحة، وتؤجران معًا. قال الطيبيّ أخذًا عن التوربشتيّ: لم يرد به إطلاق يد العبد، بل كره صنيع مولاه في ضربه على أمر تبيّن رشده فيه، فحثّ السيّد على اغتنام الأجر، والصفح عنه، فهذا تعليم، وإرشاد لآبي اللحم، لا تقرير لفعل العبد. انتهى.

وقال النوويّ: هذا محمول على أن عميرًا تصدّق بشيء ظنّ أن مولاه يَرْضَى به، ولم يرض به مولاه، فلعمير أجرٌ؛ لأنه فعل شيئًا يعتقده طاعة بنيّة


(١) "القاموس المحيط" ١/ ٣٢٥.
(٢) "النهاية" ٤/ ٢٣.
(٣) "لسان العرب" ٥/ ٨٠.