للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَوَى عنه ابن عم أبيه هشام بن عروة.

قال النسائيّ: ثقةٌ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الزهريّ: كان سخيًّا سَرِيًّا، أحسن الناس وجهًا، له عند مسلم والنسائي حديث: "لا تحصي فيحصي الله عليك".

أخرج له البخاريّ في "الأدب المفرد"، والمصنّف، والنسائيّ (١)، وليس له في هذا الكتاب إلا هذا الحديث.

والباقون ذُكروا في الباب وقبله.

وقوله: (وَلَا تُوعِي، فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيْكِ) بعين مهملة، من أوعيت المتاعَ في الوعاء أُوعيه: إذا جعلته فيه، ووَعَيتُ الشيءَ: حفظته (٢)، وفي رواية للبخاريّ بلفظ: "لا تُوكي، فيوكَى عليك"، من أوكى يوكي إيكاءً، يقال: أوكى ما في سقائه: إذا شدّه بالوكاء، وهو الخيط الذي يُشَدّ به رأس القِرْبة، وأوكى علينا: أي بَخِل.

وقوله: "فيوكَى عليك" بفتح الكاف على صيغة المجهول، والمعنى: لا توكي مالك عن الصدقة؛ خشيةَ نفاده، فيوكي الله عليك، أو يمنعك، ويقطع مادة الرزق عنك.

وقال المناويّ رحمه الله: الإيكاء شَدُّ رأس الوعاء بالوكاء، وهو هنا مجاز عن الإمساك، فالمعنى: لا تمسكي المال في الوعاء، وتوكي عليه، فيمسك الله فضله عنك، كما أمسكت فضل ما أعطاك الله، فإن الجزاء من جنس العمل، ومَن عَلِم أن الله يرزقه من حيث لا يحتسب، فحقه أن يعطي ولا يَحْسُب، وفيه النهي عن منع الصدقة خشية النفاد، وأنه أعظم الأسباب لقطع مادة البركة، وأنه تعالى يثيب على العطاء بغير حساب. انتهى (٣).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) ليس في "المجتبى"، وإنما هو في "عشرة النساء" من "الكبرى" برقم (٩١٩٥) فتنبّه.
(٢) "عمدة القاري" ٨/ ٢٩٩.
(٣) "فيض القدير" ١/ ٥٦٣.