للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، لَيْسَ لِي شَيْءٌ، إلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ) بن العوّام بن خُوَيلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ بن كِلاب، أبو عبد الله القرشيّ الأسديّ، أحد العشرة المبشّرين بالجنّة، قُتل سنة (٣٦) بعد مُنصَرَفه من وقعة الْجَمَل.

والمعنى: ليس لي مالٌ أتصدّق به على المساكين، إلا الذي أعطاني زوجي الزبير قوتًا، أو أعمّ من ذلك.

(فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ) بضمّ الجيم؛ أي إثمٌ (أَنْ أَرْضَخَ) بفتح الضاد المعجمة: أي أعطي قليلًا. يقال: رَضَختُ له رَضْخًا، من باب نَفَعَ، ورَضِيخًا: أعطيته شيئًا ليس بالكثير، والمال رَضْخٌ، تسميةً بالمصدر، أو فَعْلٌ بمعنى مفعول، مثلُ ضَرْبِ الأمير، وعنده رَضْخٌ من خيرٍ: أي شيءٌ منه، قاله الفيّوميّ. (مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟) أي من المال الذي يُدخِله الزبير عليّ، فحُذف عائد الموصول؛ لكونه فضلة، كما قال في "الخلاصة":

… ... … ... … ... … وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي

فِي عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ … بِفِعْلٍ أوْ وَصْفٍ كَمَنْ نَرْجُو يَهَبْ

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("ارْضَخِي) بفتح الضاد المعجمة، بعدها خاء معجمة أيضًا، والهمزة فيه همزة وصل؛ لكونه ثلاثيًّا، كما سبق آنفًا، وهذا محمولٌ على ما أعطاها الزبير لنفسها بسبب نفقة وغيرها، أو مما هو ملك للزبير، ولا يَكرَه الصدقةَ منه، بل يرضى به على عادة غالب الناس، وقد سبق بيان المسألة قريبًا، أفاده النوويّ رحمه الله (١). (مَا اسْتَطَعْتِ) قال النوويّ رحمه الله: معناه مما يَرضَى به الزبير، وتقديره: إنّ لكِ في الرضخ مراتبَ مباحةً، بعضها فوق بعض، وكلّها يرضاها الزبير، فافعلي أعلاها، أو يكون معناه: ما استطعت مما هو ملك لك. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الأخير بعيدٌ، يردّه سياق الحديث، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(وَلَا تُوعِي) بالعين المهملة، يقال: أوعيتُ المتاع في الوعاء أُوعِيهِ: إذا


(١) راجع: "شرح النوويّ على صحيح مسلم" ٧/ ١٢٠.