وهو في تأويل المصدر خبر لمحذوف؛ أي هي صدقتك، أو مبتدأ خبره محذوفٌ: أي صدقتك، وأنت صحيح … إلخ أفضل أنواع الصدقة، والله تعالى أعلم.
(وَأَنْتَ صَحِيحٌ) جملة من مبتدأ وخبر في محلّ نصب على الحال؛ أي والحال أنك صحيح، والمراد بالصحيح في هذا الحديث من لم يدخل في مرض مخوف، كذا قيل.
(شَحِيحٌ) صفة لـ"صحيحٌ"، أو خبر بعد الخبر؛ أي من شأنه الشّحّ للحاجة إلى المال، وقال ابن الملك: قوله: "شحيح" تأكيد، وبيانٌ لـ"صحيحٌ"؛ لأن الرجل في حال صحّته يكون شحيحًا، وفي رواية للبخاريّ في "الوصايا": "وأنت صحيحٌ حريصٌ".
قال في "القاموس": الشحّ -مثلّثة-: البخل والحرص. انتهى.
وقال في "اللسان": الشُّحُّ -أي بالضمّ- والشَّحّ -أي بالفتح-: البُخْلُ، والضمّ أعلى. وقيل: هو البخل مع الحرص، وفي الحديث:"إيّاكم والشّحّ"(١)، والشحّ أشدّ البخل، وهو أبلغ في المنع من البخل، وقيل: البخل في أفراد الأمور، وآحادها، والشحّ عامّ، وقيل: البخل بالمال، والشحّ بالمال
(١) حديث صحيح، أخرجه أحمد، وأبو داود بسند صحيح، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفُحْش، فإن الله لا يحب الفُحْش، ولا التفحش، وإياكم والشُّحّ فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقَطَعُوا، وبالبخل فبَخِلوا، وبالفجور ففَجَروا"، قال: فقام رجل، فقال: يا رسول الله أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: "أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك"، قال ذلك الرجل أو رجل آخر: يا رسول الله فأيُّ الهجرة أفضل؟ قال: "أن تهجر ما كَرِهَ الله، والهجرة هجرتان: هجرة الحاضر والبادي، فأما البادي فيطيع إذا أُمِر، ويجيب إذا دُعِي، وأما الحاضر فأعظمهما بليَّةً، وأعظمهما أجرًا"، هذا لفظ الإمام أحمد رحمه الله.