للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال: ليس أحدهما مأخوذًا من الآخر؛ لأن كلَّ واحد متصرّف في نفسه. انتهى (١). (بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً) وفي الرواية الآتية: "ثم جبذه إليه جبذةً، رجع نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- في نحر الأعرابيّ".

قال أنس -رضي الله عنه-: (نَظَرْتُ) وفي رواية البخاريّ: "فنظرتُ" بالفاء (إِلَى صَفْحَةِ عُنقِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) كذا هو بلفظ "عُنُق" عند جميع الرواة عن مالك، وكذا في رواية الأوزاعيّ، ووقع عند البخاريّ بلفظ "عاتق".

والصفحة -بالفتح وبالهاء، وبدونها- من كلّ شيء جانبه، والجمع: صفحات، مثلُ سجدة وسَجَدَات.

و"الْعُنُق": الرقبة، وهو مذكّرٌ، ويؤنّثه أهل الحجاز، فيقولون: هي العنُقُ، والنون مضمومة؛ للإتباع في لغة الحجاز، وساكنة في لغة تميم، والجمع أعناق (٢).

و"العاتق": ما بين المنكب والعُنُق، وهو موضع الرداء، ويذكّر ويؤنّث، والجمع عواتق (٣).

وقوله: (وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا) أي في صفحة عنقه -صلى الله عليه وسلم-، فالباء بمعنى "في" (حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ) جملة حاليّة، وفي رواية همّام: "فجاذبه حتى انشقّ البُرد، وحتى بقيت حاشيته في عُنُق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، قال في "الفتح": وزاد أن ذلك وقع من الأعرابيّ لَمّا وَصَل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى حجرته، ويُجْمَع بأنه لقيه خارج المسجد، فأدركه لَمّا كاد يدخل، فكلمه، أو مسك بثوبه لما دخل، فلما كاد يدخل الحجرة خَشِي أن يفوته فجبذه. انتهى (٤).

(مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ) الأعرابيّ (يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي) وفي رواية الأوزاعيّ: "أعطنا"؛ أي مُرْ وكلاءك بأن يعطوا لي، أو مر بالعطاء لأجلي (مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ) أي من غير صنيع لك في إعطائك، كما صرح في رواية، حيث قال: "لا من مالك، ولا من مال أبيك"، قيل: المراد به مال الزكاة، فإنه كان يُصرَف بعضه إلى المؤلفة (٥).


(١) "المصباح المنير" ١/ ٨٩.
(٢) "المصباح" ٢/ ٤٣٢.
(٣) "المصباح" ٢/ ٣٩٢.
(٤) "الفتح" ١٣/ ٦٦٦.
(٥) "مرقاة المفاتيح" ١٠/ ٤٧٩.