للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم دفع الزكاة للمؤلّفة قلوبهم:

قال العلّامة القرطبيّ رحمه اللهُ في "تفسيره": اختلف العلماء في بقائهم، فقال عمر، والحسن، والشعبيّ، وغيرهم: انقطع هذا المصنف بعزّ الإسلام، وظهوره، وهذا مشهور مذهب مالك، وأصحاب الرأي، قال بعض علماء الحنفيّة: لما أعزّ الله الإسلام، وأهله، وقطع دابر الكافرين -لعنهم الله- اجتمعت الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين في خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - على سقوط سهمهم.

وقال جماعة من العلماء: هم باقون؛ لأن الإمام ربما احتاج أن يستألف على الإسلام. وإنما قطعهم عمر لما رأى من إعزاز الدين، قال يونس: سألت الزهريّ عنهم؟ فقال: لا أعلم نسخًا في ذلك. قال أبو جعفر النحّاس: فعلى هذا الحكمُ فيهم ثابتٌ، فإن كان أحد يُحتاج إلى تألّفه، ويُخاف أن تَلحَق المسلمين منه آفةٌ، أو يُرجى أن يحسن إسلامه بعدُ دُفع إليه. قال القاضي عبد الوهّاب: إن احتيج إليهم في بعض الأوقات أعطوا من الصدقة. وقال القاضي ابن العربىّ: الذي عندي أنه إن قوي الإسلام زالوا، وإن احتيج إليهم أُعطُوا سهمهم، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيهم، فإن في "الصحيح": "بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود كما بدأ". انتهى كلام القرطبيّ رحمه اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن هذا الذي قاله ابن العربيّ رحمه اللهُ هو الأرجح.

وحاصله: أن نصيب المؤلّفة قلوبهم باقٍ على حسب الحاجة، فحيث وُجدت حاجة إلى تأليفهم، أُعطوا، وإلا فلا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٤٣٢] ( … ) - (حَدَّثَنَا (٢) أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيى الْحَسَّانِىُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثنَا أيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ،


(١) راجع: "جامع الأحكام" ٨/ ١٨١.
(٢) وفي نسخة: "وحدّثني".