للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصنّف رحمه الله، حيث أخرجه من رواية ابن الحباب عن أبي الزبير أيضًا، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللهِ) -رضي الله عنهما- أنه (قَالَ: أَتَى رَجُلٌ) قيل: هو ذو الْخُوَيصرة التميميّ، واعترضه الحافظ رحمه الله بأن القصة التي في حديث جابر -رضي الله عنه- صُرِّح في حديثه بأنها كانت مُنْصَرَف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من الجعرانة، وكان ذلك في ذي القعدة سنة ثمان، وكان الذي قسمة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حينئذ فضةً كانت في ثوب بلال -رضي الله عنه-، وكان يُعطي كلَّ من جاء منها، والقصة التي في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- صَرِّح في رواية أبي نعيم عنه أنها كانت بعد بعث عليّ -رضي الله عنه- إلى اليمن، وكان ذلك في سنة تسع، وكان المقسوم فيها ذهبًا، وخَصَّ به أربعة أنفس، فهما قصّتان في وقتين، اتَّفَقَ في كل منهما إنكار القائل، وصُرِّح في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- أنه ذو الخويصرة التميميّ، ولم يُسَمَّ القائل في حديث جابر -رضي الله عنه-، ووَهِمَ من سماه ذا الخويصرة ظانًّا اتحاد القصتين.

قال: ووجدت لحديث جابر شاهدًا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه أتاه رجل يوم حنين، وهو يَقْسِم شيئًا، فقال: يا محمد اعدل، ولم يُسَمّ الرجل أيضًا، وسماه محمد بن إسحاق بسند حسن، عن عبد اللُّه بن عمر (١) وأخرجه أحمد والطبري أيضًا، ولفظه: "أتى ذو الخويصرة التميميّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو يقسم الغنائم بحنين، فقال: يا محمد … "، فذكر نحو هذا الحديث المذكور، فيمكن أن يكون تكرر ذلك منه في الموضعين، عند قسمة غنائم حنين، وعند قسمة الذهب الذي بعثه عليّ -رضي الله عنه-. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن الرجل هو ذو الخويصرة التميميّ، ولا يُستبعد أن يقع له هذا الكلام في الموضعين، كما أشار إليه الحافظ في آخر كلامه، ومما يؤيّد ذلك أن في مسند أحمد رحمه الله لحديث جابر -رضي الله عنه- هذا ما نصّه: "لما قسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غنائم هوازن بين الناس


(١) لعل الصواب عبد الله بن عَمْرو المذكور قبله.
(٢) "الفتح" ١٦/ ١٧٧.