٣ - (ومنها): أن فيه علماً من أعلام النبوّة، حيث أخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بما سيقع بعده في أمته، فوقع طِبق ما أخبر به.
٤ - (ومنها): بيان جواز التورية والتعريض في الحرب.
٥ - (ومنها): ما قاله ابن العربي - رحمه الله -: الخديعة في الحرب تكون بالتورية، وتكون بالكَمِين، وتكون بخلف الوعد، وذلك من المستثنى الجائز المخصوص من المحرَّم، والكذب حرام بالإجماع، جائز في مواطنَ بالإجماع، أصلها الحرب، أذن الله فيه، وفي أمثاله؛ رفقاً بالعباد؛ لضعفهم، وليس للعقل في تحريمه، ولا في تحليله أثرٌ، إنما هو إلى الشرع، ولو كان تحريم الكذب كما يقول المبتدعون عقلاً، ويكون التحريم صفة نفسية، كما يزعمون ما انقلب حلالاً أبداً، والمسألة ليست معقولة، فتستحقّ جواباً، وخفي هذا على علمائنا، وقال الطبريّ: إنما يجوز في المعاريض دون حقيقة الكذب، فإنه لا يحلّ، وقال النوويّ: الظاهر إباحة حقيقة الكذب، لكن الاقتصار على التعريض أفضل، وقال بعض أهل السير: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك يوم الأحزاب لنعيم بن مسعود، وعن المهلَّب: الخداع في الحرب جائز كيف ما يمكن إلَّا بالأيمان والعهود، والتصريح بالأيمان، فلا يحلّ شيء من ذلك. انتهى.
٦ - (ومنها): أن الحديث صريح في وجوب قتال الخوارج والبغاة، قال النوويّ - رحمه الله -: وهو إجماع العلماء، قال القاضي عياض - رحمه الله -: أجمع العلماء على أن الخوارج وأشباههم من أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام، وخالفوا رأي الجماعة، وشَقُّوا العصا وجب قتالهم بعد إنذارهم، والاعتذار إليهم، قال الله تعالى:{فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} الآية [الحجرات: ٩]، لكن لا يُجَهَّز على جريحهم، ولا يُتَّبَع منهزمهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا تباح أموالهم، وما لم يخرجوا عن الطاعة، وينتصبوا للحرب لا يقاتلون، بل يوعظون، ويستتابون من بدعتهم وباطلهم، وهذا كله ما لم يُكَفَّروا ببدعتهم، فإن كانت بدعة مما يُكَفَّرون به جرت عليهم أحكام المرتدين.
وأما البغاة الذين لا يُكَفَّرون، فيرثون، ويورثون، ودمهم في حال القتال هَدَرٌ، وكذا أموالهم التي تَتْلَف في القتال، والأصح أنهم لا يُضَمَّنُون أيضاً ما أتلفوه على أهل العدل في حال القتال، من نفس، ومال، وما أتلفوه في غير