للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قرن الشيطان بأنهم الخوارج، والفتن التي طَلَعت من هناك، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

وقوله: (مُحَلَّقَةً رُءُوسُهُمْ) مرفوع على أنه صفة لـ"قومٌ"، وَيحْتَمل أن يكون منصوباً على الحال، وهو بمعنى ما سبق: "سيماهم التحليق" وفي رواية: "التسبيد"، وهو بمعنى التحليق.

والتحليق سيما الخوارج، مخالف لعادة العرب في توفيرهم شُعورهم، وتفريقها.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "محلّقةً رؤوسهم"، وفي حديث آخر: "سيماهم التحليق"؛ أي جَعَلوا ذلك علامةً لهم على رفضهم زينة الدنيا، وشِعاراً ليُعرَفوا به، كما يَفعل البعض من رُهبان النصارى يفحصون عن أوساط رؤوسهم، وقد جاء في وصفهم مرفوعاً: "سيماهم التسبيد" (٢)؛ أي التحليق، يقال: سبّد رأسه: إذا حلقه، وهذا كلّه منهم جهلٌ بما يُزْهَد فيه، وما لا يُزهَد فيه، وابتداعٌ منهم في دين الله تعالى شيئاً كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والخلفاء الراشدون، وأتباعهم على خلافه، فلم يُرْوَ عن واحد منهم أنهم اتّسمُوا بذلك، ولا حَلَقوا رؤوسهم في غير إحلال، ولا حاجة، وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعرٌ، فتارةً فرقه، وتارةً صيَّره جُمّةً، وأخرى لِمّةً، وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من كانت له شعرة، أو جُمّةٌ، فليُكرمها" (٣)، وقد كَرِه مالك الحلق في غير إحرام، ولا حاجة ضروريّة. انتهى (٤).

وقال في "العمدة": قوله: "التحليق": هو إزالة الشعر، وقوله: "التسبيد" بالمهملة والباء الموحدة، وهو استيصال الشعر.

[فإن قلت]: يلزم من وجود العلامة وجود ذي العلامة، فكل محلوق الرأس منهم، لكنه خلاف الإجماع.

[قلت]: كان في عهد الصحابة - رضي الله عنهم - لا يحلقون رؤوسهم إلَّا في النسك،


(١) "المفهم" ٣/ ١٢١.
(٢) رواه البخاريّ، وأبو داود.
(٣) حديث صحيح، رواه أبو داود بلفظ: "من كان له شعرٌ، فليُكرمه".
(٤) "المفهم" ٣/ ١٢٢.