للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَكَلَّمَاهُ) أي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (فَأَمَّرَهُمَا) بتشديد الميم؛ أي ولّاهما (عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ) أي على السعاية في جمعها (فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ) أي السُّعاة الذين يجمعون الصدقات (وَأَصَابَا مِمَّا يُصِيبُ النَّاسُ) أي أجرة العمل (قَالَ) عبد المطّلب بن ربيعة (فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَلِكَ) أي في تشاورهما ببعث الغلامين إليه -صلى الله عليه وسلم- (جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ) -رضي الله عنه-، تقدّمِ الكلام فيه قبل بابين (فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا، فَذَكَرَا لَهُ ذَلِكَ) أي ما تشًاورا فيه (فَقَال عَلِي بْنُ أَبِي طَالِب) -رضي الله عنه- (لَا تَفْعَلَا، فَوَاللهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ) إنما حلف؛ لكونه -صلى الله عليه وسلم- أخبره بما يُفيدً ذلك، وفي رواية النسائيّ: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يَستعمل منكم أحدًا على الصدقة" (فَانْتَحَاهُ) بالحاء المهملة: أي عرض له، وقَصَده، والنحو: القصد، ومنه علم النحو (١). (رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ) المراد أنه أنكر عليه قوله هذا، كما أوضحه بقوله: (فَقَالَ) ربيعة (وَاللهِ) قال القرطبيّ رحمه الله: هذه يمين وقعت من ربيعة على اعتقاده، فهي من قبيل اللغو. انتهى. (مَا تَصْنَعُ هَذَا) أي ما قلت هذا الكلام، وأبديت هذا الاعتراض (إِلَّا نَفَاسَةً مِنْكَ عَلَيْنَا) أي حسدًا منك لنا فيما نطلبه من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال في "القاموس": نَفِسَ به، كفَرِحَ: ضَنَّ، وعليه بخير حَسَدَه، وعليه الشيءَ نَفَاسةً: لم يره أهلاً له. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ: النفاسة في الخير، ومنه قوله تعالى: {فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطفّفين": ٢٦].

(فَوَاللهِ، لَقَدْ نِلْتَ) بكسر النون: أي أصبت، يقال: نال من عدوّه ينال، من باب تَعِبَ نَيْلاً: بلغ منه مقصوده، ونال من مطلوبه، ويتعدَّى بالهمزة إلى اثنين، فيقال: أنلته مطلوبه، فناله، فالشيءُ مَنِيلٌ (٣). (صِهْرَ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) "الصِّهْر" بكسر الصاد: القرابة، وحُرْمة الْخُتُونة، جمعه أَصهارٌ، وصُهَراءُ، وزوج بنت الرجل، وزوج أخته، والأَخْتان أصهارٌ أيضًا، قاله في "القاموس" (٤). (فَمَا نَفِسْنَاهُ عَلَيْكَ) بكسر الفاء: أي ما حَسَدناك عليه، وما تمنّينا أن يكون لنا دونك (قَالَ عَلِى) -رضي الله عنه- (أَرْسِلُوهُمَا) أي الغلامين إليه -صلى الله عليه وسلم-؛ لتسمعوا ماذا يقول لهما


(١) "المفهم" ٣/ ١٢٦.
(٢) "القاموس" ٢/ ٢٥٥.
(٣) "المصباح" ٢/ ٦٣٢.
(٤) "القاموس" ٢/ ٧٤.