للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ) خبر لمحذوف؛ أي هي هديّة (أَكَلَ مِنْهَا) أي من تلك الهديّة؛ لكونها تحلّ له (وَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ) أي هي صدقةٌ (لَمْ يَأَكُلْ مِنْهَا) لكونها محرّمة عليه -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية البخاريّ: "فإن قيل: صدقةٌ، قال لأصحابه: كلوا، ولم يأكل، وإن قيل: هديّةٌ ضرب بيده -صلى الله عليه وسلم-، فأكل معهم".

ومعنى: "ضرب" أي شرع في الأكل مُسرعًا، ومنه ضرب في الأرض: إذا أسرع السير فيها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٥١/ ٢٤٩١، (١٥٧٧)] و (البخاريّ) في "الهبة" (٢٥٩٧)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٣٠٢ و ٣٠٥ و ٣٣٨ و ٤٠٦ و ٤٩٢)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ١٤١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٦/ ١٨٥) و"المعرفة" (٥/ ٢٣)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان جواز قبول الهديّة للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-.

٢ - (ومنها): بيان تحريم الصدقة عليه -صلى الله عليه وسلم- مطلقًا فرضها وتطوّعها، قال القرطبيّ رحمه الله: هذا الحديث يدلّ على أنه -صلى الله عليه وسلم- ما كان يأكل صدقة التطوّع، كما كان لا يأكل صدقة الواجب، وأنها لا تحلّ له. انتهى (١).

٣ - (ومنها): أن فيه استعمالَ الوَرَع، والفَحْص عن أصل المآكل والمشارب.

٤ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله: كونه -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن الطعام، هل هو صدقة أم هديّة؟ يدلّ على أن للمتّقي أن يسأل عمّا خَفي عليه من أحوال الهديّة، والمهدِي حتى يكون على بصيرة من أمره، لكن هذا ما لم يؤذ


(١) "المفهم" ٣/ ١٣١.