وقال أكثر أصحابنا، وابن الباقلانيّ: إن كان هناك قرينة تصرفه إلى الشهر فلا كراهة، وإلا فيكره، قالوا: فيقال: صمنا رمضان، قمنا رمضان، ورمضان أفضل الأشهر، ويندب طلب ليلة القدر في أواخر رمضان، وأشباه ذلك، ولا كراهة في هذا كله، وإنما يكره أن يقال: جاء رمضان، ودخل رمضان، وحضر رمضان، وأُحِبُّ رمضان، ونحو ذلك.
والمذهب الثالث: مذهب البخاريّ، والمحققين أنه لا كراهة في إطلاق رمضان بقرينة، وبغير قرينة، وهذا المذهب هو الصواب، والمذهبان الأولان فاسدان؛ لأن الكراهة إنما تثبت بنهي الشرع، ولم يَثْبُت فيه نهيٌ، وقولهم: إنه اسم من أسماء الله تعالى ليس بصحيح، ولم يَصِحَّ فيه شيءٌ، وإن كان قد جاء فيه أثر ضعيف، وأسماء الله تعالى توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح، ولو ثبت أنه اسم لم يلزم منه كراهة، وهذا الحديث المذكور في الباب صريح في الردّ على المذهبين، ولهذا الحديث نظائر كثيرة في "الصحيح" في إطلاق "رمضان" على الشهر من غير ذكر الشهر، وقد سبق التنبيه على كثير منها في "كتاب الإيمان" وغيره، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه اللهُ (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٤٩٦]( … ) - (وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَن ابْنِ شِهَابٍ، عَن ابْنِ أَبِي أنسٍ، أَنَّ أبَاهُ حَدَّثَهُ، أنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا كَانَ رَمَضَانُ، فتِّحَتْ أبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَت الشَّيَاطينُ").
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى) التُّجيبيّ المصريّ، صدوقٌ [١١](ت ٣ أو ٢٤٤)(م س ق) تقدم في "المقدمة" ٣/ ١٤.