للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ) -بضم الغين المعجمة، وتشديد الميم- أي هلال الشهر، ومعناه: حال بينكم وبينه غيم.

(فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا) وفي الرواية الآتية: "فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ" أي عُدّوا ثلاثين يومًا، من شعبان، فصوموا بعدها، ورواه البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه"، عن آدم بن أبي إياس، عن شعبة، بلفظ: "فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين".

قال في "الفتح" ما حاصله: وقد وقع الاختلاف في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في هذه الزيادة، فرواها البخاريّ -كما ترى- بلفظ: "فأكملوا عدّة شعبان ثلاثين"، وهذا أصرح ما ورد في ذلك، وقد قيل: إن آدم شيخه انفرد بذلك، فإن أكثر الرواة عن شعبة قالوا فيه: "فعُدّوا ثلاثين"، أشار إلى ذلك الإسماعيليّ، وهو عند مسلم وغيره، قال: فيجوز أن يكون آدم أورده على ما وقع عنده من تفسير الخبر.

قال الحافظ: الذي ظنه الإسماعيليّ صحيح (١)، فقد رواه البيهقيّ من طريق إبراهيم بن يزيد، عن آدم بلفظ: "فإن غمّ عليكم، فعُدّوا ثلاثين يومًا" -يعني عدّوا شعبان ثلاثين-. فوقع للبخاريّ إدراج التفسير في نفس الخبر، ويؤئده رواية أبي سلمة، عن أبي هريرة بلفظ: "لا تقدّموا رمضان بصوم يوم، ولا يومين"، فإنه يُشعر بان المأمور بعدّه هو شعبان، وقد رواه مسلم من طريق الربيع بن مسلم، عن محمد بن زياد بلفظ: "فأكملوا العدد"، وهو يتناول كلّ شهر، فدخل فيه شعبان، وروى الدارقطنيّ، وصححه، وابن خزيمة في "صحيحه" من حديث عائشة -رضي الله عنها-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتحفّظ من شعبان ما لا يتحفّظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غمّ عليه عَدّ ثلاثين يومًا، ثم صام". وأخرجه أبو داود وغيره أيضًا، وروى أبو داود، والنسائيّ وابن خزيمة من طريق رِبْعيّ، عن حُذيفة -رضي الله عنه-، مرفوعًا: "لا تقدّموا الشهر حتى تروا


(١) قد سبق الردّ على هذا الذي ظنه الإسماعيليّ، ووافقه عليه الحافظ في كلام وليّ الدين العراقيّ، فلا تغفل.