كانت السماء مصحية لم يجز صومه، وإن كانت مُغيمة وجب صومه عن رمضان، وعن أحمد روايتان، كمذهبنا ومذهب الجمهور، وعنه رواية ثالثة كمذهب الحسن، هذا بيان مذاهبهم في صوم يوم الشك عن رمضان.
فلو صامه تطوعًا بلا عادة، ولا وصله فقد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يجوز، وبه قال الجمهور، وحكاه العبدريّ عن عثمان، وعليّ، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة، وعمار، وابن عباس، وأبي هريرة، وأنس، والأوزاعيّ، ومحمد بن مسلمة المالكيّ، وداود.
وقال أبو حنيفة: لا يكره صومه تطوعًا، ويحرم صومه عن رمضان.
واحتُجَّ لمن قال بصومه عن رمضان بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فاقدِروا له"، رواه البخاريّ، ومسلم، من رواية ابن عمر -رضي الله عنه-، وزعموا أن معناه: ضَيِّقُوا عدَّة شعبان بصوم رمضان، وبأن عائشة، وأسماء، وابن عمر كانوا يصومونه، فروى البيهقيّ، عن عائشة -رضي الله عنها- أنها سئلت عن صوم يوم الشكّ، فقالت: لأن أصوم يومًا من شعبان أحبّ إليّ من أن أفطر يومًا من رمضان، وعن أسماء -رضي الله عنها- أنها كانت تصوم اليوم الذي يُشَكّ فيه من رمضان، وعن أبي هريرة: لأن أصوم اليوم الذي يُشَكّ فيه من شعبان أحبّ إلي من أن أفطر يومًا من رمضان، قال البيهقي: ورواية أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في النهي عن تقدم الشهر بصوم إلا أن يوافق صومًا كان يصومه أصحّ من هذا، قال البيهقيّ: وأما قول عليّ -رضي الله عنه- في ذلك فإنما قاله عند شهادة رجل على رؤية الهلال، فلا حجة فيه، قال: وأما مذهب ابن عمر في ذلك فقد رَوَينا عنه أنه قال: لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يُشَكّ فيه، وفي رواية عن عبد العزيز بن حكيم الحضرميّ قال: رأيت ابن عمر يامر رجلًا يُفطر في اليوم الذي يُشَكّ فيه، قال: ورواية يزيد بن هارون تدل على أن مذهب عائشة في ذلك كمذهب ابن عمر في الصوم؛ إذا غُمّ الشهر دون أن يكون صَحْوًا، قال البيهقيّ: ومتابعة السنة الثابتة، وما عليه أكثر الصحابة، وعوامّ أهل المدينة أولى بنا، وهو منع صوم يوم الشكّ. هذا كلام البيهقيّ رحمه الله، وهو تحقيق حسنٌ جدًّا.
قال النوويّ: واحتجّ أصحابنا بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت