للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعن عمار -رضي الله عنه- قال: "من صام اليوم الذي يُشَكّ فيه فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-"، رواه أبو داود، والنسائيّ، والترمذيّ، وقال: حديث حسن صحيح.

والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة مشهورة، والجواب عما احتج به المخالفون سبق بيانه، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق من ذكر أقوال العلماء، وبيان أدلّتهم أن الحقّ أنه لا يجوز صوم يوم الشكّ، كما هو رأي الجمهور، لا عن رمضان، ولا عن غيره، إلا من كان معتادًا صوم يوم معيّن، فصادف ذلك، فليصمه، وأدلّة رجحان هذا القول واضحة مما سبق، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): أنه قد ألّف أبو يعلى ابن الفرّاء الحنبليّ رسالة في وجوب صوم يوم الشكّ، وألّف الخطيب البغداديّ رسالة في الردّ عليها وتفنيدها، ونِعم ما فعل، وكلتا الرسالتين ساقهما النوويّ رحمه الله في "شرح المهذّب" أحببت إيرادهما تبعًا له؛ تتميمًا للفائدة، وتكميلًا للعائدة.

قال: (اعلم): أن القاضي أبا يعلى محمد بن الحسين بن محمد ابن الفراء الحنبليّ صَنَّف جزءًا في وجوب صوم يوم الشكّ، وهو يوم الثلاثين من شعبان؛ إذا حال دون مطلع الهلال غيم، ثم صَنَّف الخطيب الحافظ أبو بكر بن أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الشافعيّ جزءًا في الردّ على ابن الفراء، والشناعة عليه في الخطأ في المسألة، ونسبته إلى مخالفة السنة، وما عليه جماهير الأمة، وقد حَصَلَ الجزءان عندي -ولله الحمد- وأنا أذكر إن شاء الله تعالى مقاصديهما، ولا أُخِلّ بشيء يُحتاج إليه مما فيهما -مضمومًا إلى ما قدمته في الفرع قبله، وبالله التوفيق.

قال القاضي ابن الفراء: جاء عن الإمام أحمد: فيما إذا حال دون مطلع الهلال غيم ليلة الثلاثين من شعبان ثلاث روايات:

[إحداهما]: وجوب صيامه عن رمضان، رواها عنه الأثرم، والمروزيّ،


(١) "المجموع شرح المهذّب" ٦/ ٤٥٢ - ٤٥٨.