٥ - (أنسُ) بن مالك بن النضر الصحابيّ الشهير، مات -رضي الله عنه- سنة (٢ أو ٩٣)(ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٣.
والباقون كلّهم تقدّموا في الباب الماضي.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من رباعيّات المصنّف رحمه الله، وهو (١٥٨) من رباعيّات الكتاب، وله فيه ثلاثة أسانيد، فرّقها بالتحويل؛ للاختلاف في كيفيّة التحمّل والأداء، كما أوضحته غير مرّة.
٢ - (ومنها): أن أنسًا -رضي الله عنه- ذو مناقب جمّة، وأعظمها خدمة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، خدَمه عشر سنين، وهو من المكثرين السبعة، ومن المعفرين، فقد جاوز المائة، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة.
شرح الحديث:
(عَنْ أنسِ) بن مالك -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَسَحَّرُوا،) أي كلوا وقت السَّحَر (فَإِن فِي السُّحُورِ بَرَكَةً") الفاء للتعليل؛ لأن في السحور بركة، قال في "الفتح": "السحور": بفتح السين وضمها؛ لأن المراد بالبركة الأجر والثواب، فيناسب الضمّ؛ لأنه مصدر بمعنى التسحّر، أو البركة؛ لكونه يقوّي على الصوم، ويُنَشّطُ له، ويخفّف المشقّة فيه، فيناسب الفتح؛ لأنه ما يتسحّر به، وقيل: البركة ما يتضمّن من الاستيقاظ والدعاء في السحر، والأولى أن البركة في السحور تحصل بجهات متعدّدة، وهي اتباع السنّة، ومخالفة أهل الكتاب، والتّقَوّي على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يُثيره الجوع، والتسبّب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك، أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذكر والدعاء وقت مظنّة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام.
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية، فإن إقامة السنّة يوجب الأجر وزيادته، وَيحْتَمِل أن تعود إلى الأمور الدنيوية؛ كقوّة البدن على الصوم، وتيسيره من غير إضرار بالصائم، قال: ومما يُعلَّل به استحباب السحور المخالفة لأهل الكتاب؛ لأنه ممتنع عندهم، وهذا