للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كونه بلالًا قوله في رواية شعبة المذكورة: "فدعا صاحب شرابه"، فإن بلالًا -رضي الله عنه- هو المعروف بخدمة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: كون المبهم هنا هو بلالًا -رضي الله عنه- هو الأقرب والأشبه، وأما كونه عمر -رضي الله عنه-، فبعيدٌ، والله تعالى أعلم.

(انْزِلْ، فَاجْدَحْ لَنَا") -بالجيم، ثم الحاء المهملة- فعل أمر من الْجَدْح، وهو: تحريك السويق ونحوه بالماء بعود، يقال له: الْمِجْدَح، مُجَنَّحُ الرأس، وزعم الداوديّ أن معنى قوله: "اجْدَح لي": أي احلُبْ، وغَلَّطوه في ذلك، قاله في "الفتح".

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: هو بجيم، ثم حاء مهملة، وهو خَلْطُ الشيء بغيره، والمراد هنا خَلْط السويق بالماء، وتحريكه حتى يستوي، والْمِجدَح بكسر الميم: عُود مُجَنَّحُ الرأس؛ لِتُسَاط به الأشربة، وقد يكون له ثلاث شُعَب. انتهى (١).

(قَالَ) الرجل المأمور بالجدح (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا) هذا ظن منه لَمّا رأى من ضوء الشمس ساطعًا، وإن كان جِرمها غائبًا، وتكريره المراجعة؛ لغلبة اعتقاده أن ذلك نهارٌ يَحْرُم فيه الأكل، مع تجويزه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينظر إلى ذلك الضوء تامّا، فقصد زيادة الإعلام، فأعرض النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الضوء، واعتبر غيبوبة الشمس، ثم بيّن ما يَعتبره من لم يتمكّن من رؤية جِرم الشمس، وهو إقبال الظلمة من المشرق (٢).

وقال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون المذكور كان يَرَى كثرة الضوء من شدّة الصحو، فيَظُنّ أن الشمس لم تغرُب، ويقول: لعلها غطاها شيء من جبل ونحوه، أو كان هناك غيم، فلم يتحقق غروب الشمس، وأما قول الراوي: "وغربت الشمس"، فإخبار منه بما في نفس الأمر، وإلا فلو تحقق الصحابيّ أن الشمس غربت ما توقف؛ لأنه حينئذ يكون معاندًا، وإنما توقف احتياطًا، واستكشافًا عن حكم المسألة. انتهى (٣).


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٠٩ - ٢١٠.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٥٩، و "عون المعبود" ٦/ ٣٤٣.
(٣) "الفتح" ٥/ ٣٦١.