عباس، فَيَحْتَمِل أن يكون مجاهد أخذه عن طاوس، عن ابن عباس، ثم لقي ابنَ عباس، فحمله عنه، أو سمعه من ابن عباس، وثَبَّته فيه طاوس، وقد تقدم نظير ذلك في حديث ابن عباس في قصة الجريدتين على القبرين في "الطهارة". انتهى.
وقوله:(سَافَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ) أي في عام الفتح، وفي رواية البخاريّ:"خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة، فصام حتى بلغ عُسفان … ".
وقوله:(حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ) بضمّ العين، وسكون السين المهملتين: موضع بين مكة والمدينة، ويُذكّر ويؤنّث، قال الفيّوميّ: ويُسمّى في زماننا مَدْرَجَ عثمان، وبينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل، ونونه زائدة. انتهى.
وقد تقدّم الجمع بين هذا، وبين قوله:"حتى بلغ الكديد"، وقوله الآتي:"حتى بلغ كُراع الغَمِيم" في شرح الحديث الماضي، فتنبّه.
وقوله:(لِيَرَاهُ النَّاسُ) قال في "الفتح": كذا للأكثر، و"الناسُ" بالرفع على الفاعلية، وفي رواية المستمفي:"لِيُرِيه" بضم أوله، وكسر الراء، وفتح التحتانية و"الناسَ" بالنصب على المفعولية، وَيحْتَمِل أن يكون الناسخ كتب "ليراه الناسُ" بالياء، فلا يكون بين الروايتين اختلاف. انتهى.
وقوله:(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: فَصَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - … إلخ)، وفي رواية البخاريّ:"فكان ابن عبّاس يقول: قد صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأفطر … "، فَهِمَ ابنُ عباس - رضي الله عنهما - من فعله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أنه لبيان الجواز، لا للأولوية، وسيأتي في حديث أبي سعيد وجابر - رضي الله عنهما - ما يوضح المراد.
وقال النوويّ رحمه الله: فيه دلالة لمذهب الجمهور في جواز الصوم والفطر جميعًا (١). انتهى.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.