للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من لبن، فأمسكه بيده حتى رآه الناس، وهو على راحلته، ثم شرب، فأفطر، فناوله رجلًا إلى جنبه، فشرب" (١).

(ثُمَّ شَرِبَ، فَقِيلَ لَهُ) لم يُعرف القائل (٢). (بَعْدَ ذَلِكَ) أي بعد أن أفطر، وحثّ الناس على الفطر (إِن بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ) أي ظنًّا منهم أن الفطر رخصةٌ، ورأوا أن لهم قوّةً على الصوم.

وفي الرواية التالية: "فقيل له: إن الناس قد شقّ عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلتَ، فدعا بقدح من ماء بعد العصر" (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - "أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ") مبتدأ وخبره، هكذا وقع عند المصنّف مكررًا مرتين؛ للتأكيد.

وفي رواية النسائيّ: "فأفطر بعض الناس، وصام بعضٌ، فبلغه أن ناسًا صاموا، فقال: أولئك العصاة".

قال الإمام ابن حبّان رحمه الله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أولئك العصاة" إنما أَطْلَق عليهم هذه اللفظة بتركهم الأمر الذي أَمَرَهم به، وهو الإفطار، لا أنهم صاروا عُصَاة بصومهم في السفر.

وقال في موضع آخر: سماهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصاة بتركهم الأمر الذي أمرهم بالإفطار في السفر؛ لِيَقْوَوْا به، لا أنهم عُصاة بصومهم في السفر؛ إذ الصوم والإفطار في السفر جميعًا طَلْقٌ مُباحٌ. انتهى (٣).

وقال النوويّ رحمه الله: وهذا محمول على من تضرر بالصوم، أوأنهم أُمِروا بالفطر أمرًا جازمًا؛ لمصلحة بيان جوازه، فخالفوا الواجب، وعلى التقديرين لا يكون الصائم اليوم في السفر عاصيًا إذا لم يتضرر به، ويؤيد التأويل الأول قوله في الرواية الثانية: "إن الناس قد شقّ عليهم الصيام". انتهى (٤).

[تنبيه]: أخرج ابن حبّان رحمه الله هذا الحديث في "صحيحه" مطوّلًا (٦/ ٤٢٣) فقال:

(٢٧٠٦) - أخبرنا أبو يعلى، قال: حدّثنا عبد الله بن عمر بن أبيان، قال: حدّثنا عبد الوهاب الثقفيّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن


(١) راجع: "الفتح" ٤/ ٦٩٠ - ٦٩١.
(٢) راجع: "تنبيه المعلم" (ص ٢٠٣).
(٣) "صحيح ابن حبان" ٨/ ٣١٨ - ٣١٩.
(٤) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٣٢ - ٢٣٣.