عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي مُرَاوحٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ -رضي الله عنه- أنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَام فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ، فَمَنْ أخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ"، قَالَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ: "هِيَ رُخْصَةٌ"، وَلَمْ يَذْكُرْ: "مِنَ اللهِ").
رجال هذا الإسناد: ثمانية:
١ - (أَبُو الطَّاهِرِ) أحمد بن عمرو بن السرح، تقدّم قريبًا.
٢ - (هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ) تقدّم أيضًا قريبًا.
٣ - (ابْنُ وَهْب) عبد الله، تقدّم قبل ثلاثة أبواب.
٤ - (عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ) بن يعقوب، تقدّم قريبًا.
٥ - (أَبُو الْأَسْوَدِ) محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود الأسديّ المدنيّ، يتيم عروة، ثقةٌ [٦] مات سنة بضع و (١٣٠) (ع) تقدم في "الطهارة" ٩/ ٥٧٣.
٦ - (أَبُو مُرَاوحٍ) الغفاريّ، ويقال: الليثيّ المدنيّ، يقال: اسمه سعد، ثقةٌ [٣] (خ م ق) تقدم في "الإيمان" ٥٧/ ٢٣٨.
والباقيان ذُكرا في الباب.
وقوله: (فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟) بضمّ الجيم: أي إثم.
وقوله: (هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ) الضمير للإفطار، وإنما أنثه باعتبار الخبر، والكلام جاء على اعتقاد السائل، فلا يلزم أن ظاهره ترجيح الإفطار، حيث قال: "فحسنٌ"، وقال في الصوم: "فلا جناح عليه"، قاله السنديّ رحمه الله (١).
وقال القرطبيّ: رحمه الله: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "هو رخصة من الله" دليلٌ على أن الخطاب بالصوم متوجه لجميع المكلفين؛ المسافرين وغيرهم، ثم رُخِّص لأهل الأعذار بسببها، وبيان ذلك: أن الرخصة حاصلها راجع إلى تخلف الحكم الجزم مع تحقق سببه لأمر خارج عن ذلك السبب، كما تقوله في إباحة الميتة عند الضرورة، وبهذا يتحقق بطلان قول من قال: إن صوم المسافر لا ينعقد،
(١) "شرح السنديّ على النسائيّ" ٤/ ١٨٨.