للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا في الباب.

وقوله: (وَكَانَ عَبْدُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَصُومُهُ … إلخ) هذا من كلام نافع؛ يعني أن عبد الله بن عمر كان لا يرى صوم يوم عاشوراء، ولا يصومه طلبًا لفضله إلا أن يوافق يوم عادة صيامه، فيصومه لذلك، وهذا ظاهر في كون ابن عمر - رضي الله عنها - لا يرى استحباب صوم يوم عاشورء، ولكن السنّة ثبتت بخلاف رأيه، فهي الحجة، لا رأيه.

قال الحافظ أبو عمر رحمه الله: وكان طاوس لا يصومه؛ لأنه- والله أعلم- لم يبلغه ما جاء فيه من الفضل، وليس فيما خَفِي عليه على ما عَلِمه غيره حجةٌ، ومعلوم أن قوله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: ١٠] الآية لا تَدفع هذه الإباحةُ فضلَ انتظار الصلاة في المسجد، وعملها، والله تعالى أعلم. وعلى هذا يُحْمَل حديث معاوية المذكور في هذا الباب أن تخييره إنما كان لسقوط وجوب صيامه، لا أنه لا معنى لصومه، ولما سَقَطَ وجوبه صحيح على جهة الفضل، والآثارُ تدل على ذلك.

قال: وهذا عندي مثل قيام الليل، كان في أول الإسلام فريضةً حولًا كاملًا، فلما فُرضت الصلوات الخمس صار قيام الليل فضيلة بعد فريضة. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله (١)، وهو تحقيق مفيدٌ.

[تنبيه]: كون عبد الله هنا هو ابنَ عمر هو الصواب، وأما ما وقع في برنامج الحديث من أنه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، فغلط فاحشٌ، فتنبّه لذا المهمّ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٦٤٦] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا أَبُو مَالِكٍ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الْأَخْنَسِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه -


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ٧/ ٢٠٨.