للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): بيان أن اللَّعْن أيضًا من المعاصي الشديدة القبح، قال النوويّ رحمه الله تعالى: وليس فيه أنه كبيرة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "تكثرن اللعن"، والصغيرة إذا أُكثرت صارت كبيرة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لعن المؤمن كقتله".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ظاهر هذا الحديث أن لعن المؤمن كبيرة؛ لأنه شبّهه بقتله، وقتله كبيرة بلا خلاف، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

قال: واتفق العلماء على تحريم اللعن، فإنه في اللغة الإبعاد والطرد، وفي الشرع الإبعاد من رحمة الله تعالى، فلا يجوز أن يُبْعَد من رحمة الله تعالى مَن لا يُعْرَف حاله، وخاتمة أمره معرفةً قطعيّةً، فلهذا قالوا: لا يجوز لعن أحد بعينه، مسلمًا كان أو كافرًا أو دابة، إلا من عَلِمْنا بنص شرعيّ أنه مات على الكفر أو يموت عليه، كأبي جهل، وإبليس، وأما اللعن بالوصف، فليس بحرام، كلعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، والمصوِّرين، والظالمين، والفاسقين، والكافرين، ولَعْنِ مَن غيّر مَنَارَ الأرض، ومن تولّى غير مواليه، ومَن انتَسَبَ إلى غير أبيه، ومن أَحْدَث في الإسلام حَدَثًا أو آوى مُحْدِثًا، وغير ذلك مما جاءت به النصوص الشرعية بإطلاقه على الأوصاف، لا على الأعيان، والله تعالى أعلم. انتهى (١).

٦ - (ومنها): أن فيه إطلاقَ الكفر على غير الكفر بالله تعالى، ككفر العَشِير، والإحسان، والنعمة، والحقّ، وغيرها من الذنوب التي لا تُخرِج من الملة؛ تغليظًا على فاعلها، وهو كإطلاق نفي الإيمان، ويؤخذ من ذلك صحة تأويل الكفر في الأحاديث المتقدّمة في الأبواب السابقة على ما تأولناها.

٧ - (ومنها): أن فيه وعظَ الإمام، وأصحاب الولايات، وكُبَراء الناس رَعَاياهم، وتحذيرهم المخالفات، وتحريضهم على الطاعات.

٨ - (ومنها): مشروعيّة مراجعة المتعلم العالمَ، والتابع المتبوعَ فيما قاله، إذا لم يظهر له معناه، كمراجعة هذه الْجَزْلَة - رضي الله عنهما -.

٩ - (ومنها): جواز إطلاق "رمضان" من غير إضافة إلى الشهر، وفيه ردّ على من كره ذلك كما سيأتي في محلّه - إن شاء الله تعالى -.


(١) "شرح النوويّ على صحيح مسلم" ٢/ ٦٧.