للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن التين: وجه كون القولين صوابًا ما رُوي أنهما اشتركا في ولائه، وقيل: يُحْمَل أحدهما على الحقيقة، والآخر على المجاز، وسبب المجاز إما بأنه كان يُكثر ملازمة أحدهما، إما لخدمته، أو للأخذ عنه، أو لانتقاله من ملك أحدهما إلى ملك الآخر، وجزم الزبير بن بكار بأنه كان مولى عبد الرحمن بن عوف، فعلى هذا فنسبته إلى ابن أزهر هي المجازية، ولعلها بسبب انقطاعه إليه بعد موت عبد الرحمن بن عوف، واسم ابن أزهر أيضًا عبد الرحمن، وهو ابن عم عبد الرحمن بن عوف، وقيل: ابن أخيه. انتهى (١).

(أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ) زاد في رواية البخاريّ من طريق يونس، عن الزهريّ: "يوم الأضحى" (مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَاءَ) أي عمر (فَصَلَّى) أي صلاة العيد (ثُمَّ انْصَرَفَ) أي إلى محلّ خطبته (فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ) ولفظ البخاريّ: "هذان يومان"، وفيه التغليب، وذلك أن الحاضر يشار إليه بـ "هذا"، والغائب يشار إليه بـ "ذاك"، فلما أن جمعهما اللفظ قال: هذان، تغليبًا للحاضر على الغائب (٢).

(نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا) وقوله: (يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ) برفع "يومُ" إما على أنه خبر مبتدأ محذوف، تقديره: أحدهما، أو على البدل من قوله: "يومان"، وفي رواية يونس المذكورة عند البخاريّ: "أما أحدهما فيوم فطركم"، قيل: وفائدة وصف اليومين الإشارة إلى العلة في وجوب فطرهما، وهو الفصل من الصوم، وإظهار تمامه وحده بفطر ما بعده، والآخر لأجل النسك المتقرَّب بذبحه؛ ليؤكل منه، ولو شُرع صومه لم يكن لمشروعية الذبح فيه معنى، فعَبَّر عن علة التحريم بالأكل من النسك؛ لأنه يستلزم النحر، ويزيد فائدة التنبيه على التعليل، قيل: ويُستنبَطُ من هذه العلة تعيّن السلام للفصل من الصلاة، أفاده في "الفتح".

(وَالْآخَرُ) أي اليوم الثاني من اليومين المنهيّ صومهما، وهو مبتدأ خبره قوله: (يَوْمٌ) يَحْتَمل أن يكون منوّنًا، والجملة بعده صفته، ويَحْتَمِل أن يكون


(١) "الفتح" ٥/ ٤٢٨.
(٢) "الفتح" ٥/ ٤٢٧.