للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: صيام أيام التشريق محرّم أيضًا إلا لمتمتّع فاتته صيام ثلاثة أيام على الراجح؛ لصحّة الحديث بذلك، كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.

٢ - (ومنها): أن فيه دليلًا على مشروعيّة الأكل من الضحايا، وسائر النسك، قال أبو عمر رحمه الله: وإن كان في قول الله عز وجل: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] ما يغني عن قول كل قائل، إلا أني أقول: الأكل من الهدي بالقرآن، ومن الضحية بالسنة. انتهى (١).

٣ - (ومنها): استحباب اهتمام الإمام في خطبة العيد ببيان أحكام العيد للناس حتى يكونوا عالمين بالسنة، وعاملين بها، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في نذر صوم يومي العيد:

اختلفوا فيمن نذر، فصام يوم عيد، فعن أبي حنيفة ينعقد، وخالفه الجمهور، وهو الحقّ، كما سيأتي؛ فلو نذر صوم يوم قدوم زيد، فقَدِم يوم العيد، فالأكثر لا ينعقد النذر، وعن الحنفية ينعقد، ويلزمه القضاء، وفي رواية يلزمه الإطعام، وعن الأوزاعيّ: يقضي إلا أن نوى استثناء العيد، وعن مالك في رواية: يقضي إن نوى القضاء، وإلا فلا، وتوقّف ابن عمر - رضي الله عنهما - عن جواب من سأله عن ذلك، فقد أخرج البخاريّ في "صحيحه" عن زياد بن جبير، قال: جاء رجل إلى ابن عمر - رضي الله عنهما -، فقال: رجل نذر أن يصوم يومًا، قال: أظنه قال: الاثنين، فوافق ذلك يوم عيد؛ فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النذر، ونهى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن صوم هذا اليوم.

قال في "الفتح": وأصل الخلاف في هذه المسألة أن النهي هل يقتضي صحة المنهي عنه؟ قال الأكثر: لا، وعن محمد بن الحسن: نعم، واحتج بأنه لا يقال للأعمى: لا يبصر؛ لأنه تحصيل الحاصل، فدلّ على أن صوم يوم العيد ممكنٌ، وإذا أمكن ثبتت الصحّة.


(١) "التمهيد" لابن عبد البر ١٠/ ٢٦٧ - ٢٦٦.