للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة - رضي الله عنه - أحفظ من روى الحديث في دهره.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: رِوَايَةً) يعني أن شيخه أبا بكر بن أبي شيبة قال: "عن أبي هريرة روايةً"؛ أي ينقله أبو هريرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - نقلًا (وَقَالَ عَمْرٌو: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) يعني أن شيخه عمرًا الناقد قال: "عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يبلغ به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "، والمعنى: أن أبا هريرة عزا الحديث إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (وقَالَ زُهَيْرٌ: عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) يعني أن شيخه زهيرًا قال: "عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "، وغرض المصنّف رحمه الله بهذا بيان اختلاف ألفاظ شيوخه، وكلّها متقاربة المعنى، إلا أن قوله: "عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - " صريح في الرفع، وأما قوله: "روايةً"، وقوله: "يبلغ به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - " من صيغ الرفع حكمًا، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِذَا دُعِيَ) بالبناء للمفعول (أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ، وَهُوَ صَائِمٌ) جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي والحال أنه صائم؛ أي: صوم نفل، قاله ابن حجر الهيتميّ، وتعقّبه القاري، فقال: ولا دلالة في الحديث؛ لاحتمال أن يكون صوم قضاء ونحوه. انتهى.

(فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ") اعتذارًا للداعي، فإن سَمَح، ولم يطالبه بالحضور فله التخلف، وإلا حضر، وليس الصوم عذرًا في التخلف.

قيل: إنما أَمَر المدعوّ حين لا يجيب الداعي أن يَعتذر عنه بقوله: "إني صائم"، وإن كان يُستحب إخفاء النوافل؛ لئلا يؤدي ذلك إلى عداوة، أو تباغض بينه وبين الداعي (١).

وقال النوويّ رحمه الله: هذا محمول على أنه يقول له اعتذارًا له، وإعلامًا بحاله، فإن سَمَح له، ولم يطالبه بالحضور سقط عنه الحضور، وإن لم يسمح، وطالبه بالحضور لزمه الحضور، وليس الصوم عذرًا في إجابة الدعوة، ولكن إذا حضر لا يلزمه الأكل، ويكون الصوم عذرًا في ترك الأكل، بخلاف المفطر،


(١) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٥٠١.