للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في كلام بعضهم في حديث الباب:

(اعلم): أنهم تكلّموا في هذا الحديث بسبب سعد بن سعيد، فقالوا: ضعّفه أحمد، وكذا ابن معين في رواية، وفي رواية أخرى قال: صالح، وقال النسائيّ: ليس بالقويّ، وقال الترمذيّ: تكلّموا فيه من قبل حفظه.

وقال القرطبي في "المفهم": وحديث أبي أيوب، وإن كان قد خرَّجه مسلم ليس بصحيح، وهو من جملة الأحاديث الضعيفة الواقعة في كتابه؛ وذلك لأن في إسناده: سعد بن سعيد بن قيس؛ قال فيه النسائي: ليس بالقوي، وغيره يضعفه، كما ذكره الترمذفي، وقد انفرد به عن عُمر بن ثابت، قال أبو عمر بن عبد البر: أظن أن الشيخ عمر بن ثابت لم يكن عند مالك ممن يعتمد عليه. انتهى (١).

والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:

(الأول): أن سعد بن سعيد وإن تكلّم فيه هؤلاء، فقد قوّاه غيرهم، قال ابن سعد: كان ثقةٌ قليل الحديث، وقال العجليّ، وابن عمّار: ثقةٌ، وقال ابن عديّ: له أحاديث صالحة تقرُب من الاستقامة، ولا أرى بحديثه بأساً بمقدار ما يروده، ذكره في "التهذيب" (٢).

وقال العلامة ابن الملقّن -رَحِمَهُ اللهُ-: أما الطعن فيه من جهة سعد بن سعيد راويه فليس بجيد، فإنه وإن تُكُلِّم فيه، فقد أخرج له مسلم في "صحيحه" محتجًّا به، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في "ثقاته"، ووَهِمَ ابن الجوزيّ في "تحقيقه" حيث نَقَل عن ابن حبان توهينه، وأنه لا يَحِلّ الاحتجاج به، فقد ذكر في "ثقاته"، وقال: كان يخطئ لم يَفْحُش خطؤه، فلذلك سلكناه مسلك العدول، واحتَجَّ به في "صحيحه"، نعم ذكر ابن حبان ذلك في سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبريّ، وقد وقع له هذا الوهم في "الضعفاء" أيضًا، لكنه ذكر كلامه فيه وفي المقبريّ. انتهى (٣).

(الوجه الثاني): أنه لم يتفرّد به سعد بن سعيد، بل تابعه صفوان بن


(١) "المفهم" ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٢) راجع: "تهذيب التهذيب" ٢/ ٦٩٢.
(٣) "البدر المنير" ٣/ ٢٦٧.