للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في أوتار العشر الأخير قول حكاه القاضي عياض وغيره، ونَصّ عليه أحمد بن حنبل، فقال: هي في العشر الأواخر، في وتر من الليالي لا يخطئ إن شاء الله، وأما انحصارها في السبع الأواخر فلا نعلم الآن قائلًا به. انتهى (١).

[فائدة]: قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: و"الْعَشْرُ" بغير هاء عدد للمؤنث، يقال: عشر نسوة، وعشر ليال، وفي التنزيل: {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢)} [الفجر: ١، ٢]، والعامة تُذَكِّر العشر على معنى أنه جمع الأيام، فيقولون: العَشْرُ الأَوَّلُ، والعشر الأَخِير، وهو خطأ، فإنه تغيير المسموع، ولأن اللفظ العربي تناقلته الألسُنُ اللُّكْنُ، وتلاعبت به أفواه النَّبَطِ، فحَرَّفُوا بعضه، وبَدَّلُوه، فلا يتمسك بما خالف ما ضبطه الأئمة الثقات، ونَطَقَ به الكتاب العزيز، والسنة الصحيحة.

والشهرُ ثلاثُ عَشَرَات، فالعَشْرُ الأُوَلُ جمع أُولَى، والعشر الوُسَطُ جمع وُسْطَي، والعشرُ الأُخَرُ جمع أخرى، والعشرُ الأَوَاخر أيضًا جمع آخِرَة، وهذا في غير التاريخ، وأما في التاريخ فقد قالت العرب: سِرْنا عَشْرًا، والمراد عشر ليال بأيامها، فغَلَّبُوا المؤنث هنا على المذكَّر؛ لكثرة دَوْر العدد على ألسنتها، ومنه قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤].

ويقال: أَحَدَ عَشَرَ، وثلاثةَ عَشَرَ، إلى تسعة عشر، بفتح الشين، وسُكُونُهَا لغة، وقرأ بها أبو جعفر.

والعشرون: اسم موضوع لعدد معين، ويُستَعْمَل في المذكر والمؤنث بلفظ واحد، وُيعْرَب بالواو والياء، ويجوز إضافتها لمالكها، فتسقط النون؛ تشبيهًا بنون الجمع، فيقال: عِشْرُو زيدٍ، وعِشْرُوك، هكذا حكاه الكسائيّ عن بعض العرب، ومنع الأكثر إضافة العقود، وأجاز بعضهم إضافة العدد إلى غير التمييز. انتهى كلام الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدم تمام البحث فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "طرح التثريب" ٤/ ١٥١.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤١١.