إنه شيخٌ بصريّ، لا يُعرف، كذا قال، وهو معروف، موصوفٌ بالفقه عند الأئمة.
واستدلّ بعضهم بالقياس على السراويل، كما سيأتي البحث عنه فيه في حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - إن شاء الله تعالى -.
وأجيب بأن القياس مع وجود النصّ فاسد الاعتبار.
واحتجّ بعضهم بقول عطاء: إن القطع فساد، والله لا يحبّ الفساد.
وأجيب بأن الفساد إنما يكون فيما نَهَى الشرع عنه، لا فيما أَذن فيه.
وقال ابن الجوزيّ: يُحمل القطع على الإباحة، لا على الاشتراط؛ عملًا بالحديثين، قال الحافظ: ولا يخفى تكلّفه. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تبيّن بما ذُكر أن ما ذهب إليه الجمهور من وجوب قطع الخفين، حتى يكونا أسفل من الكعبين، هو الحقّ؛ حملًا لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، وبه يحصل العمل بالحديثين، من غير إلغاء أحدهما، والله تعالى أعلم بالصواب.
[تنبيه]: زاد الثوريّ في روايته لهذا الحديث عن أيوب، عن نافع:"ولا القباء"، أخرجه عبد الرزّاق عنه، قال الحافظ العراقيّ: وهو صحيح محفوظ من حديث سفيان الثوريّ، عن أيوب، ورواه الطبرانيّ من وجه آخر عن الثوري، وأخرجه الدارقطنيّ، والبيهقيّ من طريق حفص بن غياث، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع أيضًا بلفظ:"والأقبية"، قال العراقيّ: إسناده صحيح.
و"القباء" بالقاف والموحدة: معروف، ويطلق على كلّ ثوب مفرج، ومنعُ لبسه متّفقٌ عليه، إلَّا أن أبا حنيفة قال: يشترط أن يدخل يديه في كميه، لا إذا القاه على كتفيه، ووافقه أبو ثور، والخرقيّ من الحنابلة، وحكى الماورديّ نظيره إن كان كمه ضيّقًا، فإن كان واسعًا فلا. قاله في "الفتح"(١).
(وَلَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَاب شَيْئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ) بالتعريف، وفي رواية سالم:"زعفران" بالتنكير والتنوين؛ لأنه منصرف؛ إذ ليس فيه إلَّا الألف والنون فقط،