للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -) أنه (قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي: حدّد، وأصل التوقيت: أن يُجْعَل للشيء وقت يختصّ به، ثم اتّسع فيه، فأُطلق على المكان أيضًا، قال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: التوقيت، والتأقيت: أن يُجعل للشيء وقتٌ يختصّ به، وهو بيان مقدار المدّة، يقال: وَقّتَ الشيءَ - بالتشديد - يوقِّته، ووَقَتَ - بالتخفيف - يَقِته: إذا بيّن حدّه، ثمّ اتُّسِع فيه، فقيل للموضع: ميقات. انتهى (١).

وقال ابن دقيق العيد - رَحِمَهُ اللهُ -: قيل: إن التوقيت في الأصل ذكر الوقت، والصواب أن يقال: تعليق الحكم بالوقت، ثم استُعْمِل في التحديد للشيء مطلقًا؛ لأن التوقيت تحديد بالوقت، فيصير التحديد من لوازم الوقت.

وقوله هنا: "وَقَّتَ " يَحْتَمِل أن يريد به التحديد؛ أي: حدّ هذه المواضع للإحرام.

وَيحْتَمِل أن يريد به تعليق الإحرام بوقت الوصول إلى هذه الأماكن بشرط إرادة الحجِّ، أو العمرة. انتهى (٢).

وقال القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهُ -: "وَقّت"؛ أي: حدّد، وقد يكون بمعنى أوجب، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: ١٠٣]. انتهى.

قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: ويؤيّده الرواية بلفظ: "فَرَضَ". انتهى (٣).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى وَقَّت: حدَّد وعيَّن، فظاهره يدلّ على أن هذه الحدود لا يتعداها مريد الإحرام حتى يحرم عندها، وقد أجمع المسلمون على أن المواقيت مواضع معروفة في الجهات التي يدخل منها إلى مكة (٤).

(لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ) أي: مدينة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ يعني سُكّانها، وكذا من مرّ على ميقاتهم، كما يأتي (ذَا الْحُلَيْفَةِ) - بضمّ الحاء المهملة، وفتح اللام - تصغير


(١) راجع: "النهاية" ٥/ ٢١٢.
(٢) "إحكام الأحكام" ٣/ ٤٥٧ بنسخة الحاشية "العدّة".
(٣) "الفتح" ٥/ ٣٩٤.
(٤) "المفهم" ٣/ ٢٦٢.