إذا اتّصل به الضمير، وأنكره سيبويه، وقال: لو كان مثل "على"، و"لدى" ثبتت الياء مع المضمر، وبقيت الألف مع الظاهر، وحكي من كلامهم:"لبّيْ زيد" بالياء مع الإضافة إلى الظاهر، فثبوت الياء مع الإضافة إلى الظاهر يدلّ على أنه ليس مثل "على"، و"لدى". ولبّى الرجل تلبية: إذا قال: لبيك، ولبّى بالحجّ كذلك. قال ابن السكّيت: وقالت العرب: لبّأْتُ بالحجّ بالهمز، وليس أصله الهمز، بل الياء، وقال الفرّاء: وربّما خرجت بهم فصاحتهم حتى هَمَزُوا ما ليس بمهموز، فقالوا: لبّأْتُ بالحجّ، ورثأتُ الميت، ونحو ذلك، كما يتركون الهمز إلى غيره فصاحة، وبلاغة. انتهى كلام الفيّوميّ - رحمه الله - (١).
وقال في "الفتح": "التلبية": مصدر لبّى؛ أي: قال: لبيك، ولا يكون عامله إلا مضمرًا. وهو لفظ مثنى عند سيبويه، ومن تبعه. وقال يونس بن حبيب: هو اسم مفرد، وألفه إنما انقلبت ياء لاتصالها بالضمير، كـ "لديّ"، و"عليّ". وردّ بأنها تقلب ياء مع المظهر. وعن الفرّاء: هو منصوب على المصدر، وأصله لبًّا لك، فثُنّي على التأكيد؛ أي: إلبابًا بعد إلباب، وهذه التثنية ليست حقيقية، بل هي للتكثير، أو المبالغة، ومعناه: إجابةً بعد إجابة، أو إجابةً لازمةً. قال ابن الأنباريّ: ثنّوا "لبيك" كما ثنّوا "حَنَانيك"؛ أي: تحننًا بعد تحنّن. وقيل: معنى "لبيك": اتجاهي، وقصدي إليك، مأخوذ من قولهم: داري تلب دارك؛ أي: تواجهها. وقيل: معناها: مَحَبَّتِي لك، مأخوذ من قولهم: امرأة لبّة: إذا كانت محبّةً ولدها، عاطفة عليه. وقيل: معناها: إخلاصي لك، مأخوذ من قولهم: حسبٌ لباب، إذا كان خالصًا محضًا، ومن ذلك لبّ الطعامِ، ولُبابه. وقيل: معناها: أنا مقيم على طاعتك، وإجابتك، مأخوذ من قولهم: لبّ الرجلُ بالمكان، وألبّ: إذا أقام فيه، ولزمه. قال ابن الأنباريّ: وبهذا قال الخليل، والأحمر، وقال إبراهيم الحربيّ: معنى "لبيك": قربًا منك، وطاعة، والإلباب: القرب. وقال أبو نصر: معناه: أنا مُلبّ بين يديك؛ أي: خاضع. حكى هذه الأقوال القاضي عياض، وغيره.
قال الزمخشريّ في "الفائق": وهو منصوب على المصدر، للتكثير،