للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -) أنه (قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ويلَكُمْ قَدْ قَدْ") - بسكون الدال، وكسرها، مع التنوين فيهما -؛ أي: كفاكم هذا الكلام، فاقتصروا عليه، ولا تقولوا: إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، قاله القاري - رحمه الله - (١).

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: كان المشركون يقولون هذ الكلام، فإذا انتهى كلامهم إلى "لا شريك لك" قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "قد قد"؛ أي: اقتصروا عليه، ولا تجاوزوا عنه إلى ما بعده. انتهى (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "قَدْ قَد" رُوي بإسكان الدال، وكسرها مع التنوين، ومعناه: كفاكم هذا الكلام، فاقتَصِرُوا عليه، ولا تزيدوا، وهنا انتهى كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم عاد الراوي إلى حكاية كلام المشركين، فقال: "إلا شريكًا هو لك" إلى آخره، معناه: أنهم كانوا يقولون هذه الجملة، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: اقتصروا على قولكم: "لبيك لا شريك لك". انتهى (٣).

(فَيَقُولُونَ: إِلَّا شَرِيكًا) قال الطيبيّ - رحمه الله -: الظاهر فيه الرفع على البدلية من المحلّ، كما في كلمة التوحيد، فاختير في الكلمة السفلى اللغة السافلة، كما اختير في الكلمة العليا العالية. انتهى (٤).

وقوله: (هُوَ لَكَ) جملة في محلّ نصب صفة لـ "شريكًا"، وكذا جملة قوله: (تَمْلِكُهُ) وقوله: (وَمَا مَلَكَ) "ما" موصولة، قاله القاري.

قال الجامع عفا الله عنه: أراد القاري بذلك أنه معطوف على الضمير المنصوب في "تملكه"؛ أي: تملك ذلك الشريك، وتملك أيضًا الذي ملكه، هكذا تقرير كلامه.

وعندي أن الأولى كون "ما" نافيةً، والجملة معطوفة على "تملكه"، والمعنى إنك تملك ذلك الشريك، ولا يملك هو شيئًا، فهم يعترفون بأنه لا


(١) "مرقاة المفاتيح" ٥/ ٤٥٨.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٩٥٧.
(٣) "شرح النوويّ" ٨/ ٩٠.
(٤) "الكاشف" ٥/ ١٩٥٧.