للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المناسك، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: سُمِّي بذلك؛ لأن إبراهيم - عليه السلام - أتاه الوحي في منامه أن يذبح ابنه، فتَرَوَّى في نفسه: أمن الله تعالى هذا أم من الشيطان؟ فأصبح صائمًا، فلما كان ليلة عرفة أتاه الوحي، فعرف أنه الحقّ من ربه، فسُمِّيت عرفة، رواه البيهقيّ في "فضائل الأوقات" من رواية الكلبيّ، عن أبي صالح عنه (١)، ثم قال: هكذا قال في هذه الرواية.

ورَوَى أبو الطفيل، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن إبراهيم - عليه السلام - لما ابْتُلِي بذبح ابنه أتاه جبريل - عليه السلام -، فأراه مناسك الحج، ثم ذهب به إلى عرفة، قال: وقال ابن عباس: سميت عرفة؛ لأن جبريل - عليه السلام - قال لإبراهيم - عليه السلام -: هل عرفتَ؟ قال: نعم، فمن ثَمّ سُمِّيت عرفة. انتهى (٢).

(فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - مجيبًا لعبيد بن جُريج عما سأله عنه (أَمَّا الْأَرْكَانُ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ، وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا) أي: في النعال، قال النوويّ: معناه: يتوضّأ، ويلبسها، ورجلاه رطبتان. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال النوويّ، وفيه نظر، بل الظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضّأ، ويغسل رجليه، وهما في نعليه، فتأمل، والله تعالى أعلم.

(فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا، وَأَمَّا الْإِهْلَالُ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ) أي: حتى تستوي قائمة، يقال: بعثتُ الناقةَ: أَثَرتُها، فانبعثت هي، وبعثته، فانبعث في السير؛ أي: أسرع، والمعنى هنا: استواؤها قائمةً، وفي الحقيقة هو كناية عن ابتداء الشروع في أفعال الحج.

والراحلةُ: هي الْمَرْكَبُ من الإبل ذكرًا كان أو أنثى، كما تقدّم (٣).

قال المازريّ - رحمه الله -: أجاب ابن عمر - رضي الله عنهما - السائل بضرب من القياس، حيث لم يتمكن من الاستدلال بنفس فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسألة بعينها، فاستَدَلّ بما في معناه، ووجه قياسه أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما أحرم عند الشروع في


(١) والكلبيّ ضعيف.
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٣٨ - ٣٩.
(٣) "عمدة القاري" ٣/ ٣٩.