للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ولهذا استفدنا من قولهم: "كان حاتم يَقري الضيف" أن ذلك كان يتكرّر منه.

وقال جماعة من المحقّقين: إنها تقتضي التكرار ظهورًا، وقد تقع قرينة تدلّ على عدمه، لكن يستفاد من سياقه لذلك المبالغة في إثبات ذلك، والمعنى أنها كانت تكرر فعل التطيّب لو تكرّر منه فعل الإحرام لما اطّلعت عليه من استحبابه لذلك، على أن هذه اللفظة لم تتّفق الروايات عنها عليها، فقد حُذفت في أكثر الطرق، واللَّه تعالى أعلم (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله هؤلاء الجماعة، من أن "كان" تقتضي التكرار إلا لدليل، هو الحقّ، وقد بيّنت ذلك في "التحفة المرضيّة"، و"شروحها" في الأصول، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

٧ - (ومنها): أنه استُدلّ به على حلّ الطيب وغيره، من محرمات الإحرام بعد رمي جمرة العقبة، ويستمرّ امتناع الجماع، ومتعلقاته على الطواف بالبيت، وهو دالّ على أن للحجّ تحلّلين، فمن قال: إن الحلق نسك، كما هو قول الجمهور، وهو الصحيح عند الشافعيّة يوقّف استعمال الطيب وغيره من المحرّمات المذكورة عليه، ويؤخذ ذلك من كونه - صلى الله عليه وسلم - في حجته رمى، ثم حلق، ثم طاف، فلولا أن الطيب بعد الرمي، والحلق لما اقتصرت على الطواف في قولها: "قبل أن يطوف بالبيت". قال النوويّ في "شرح المهذّب": ظاهر كلام ابن المنذر وغيره أنه لم يقل بأن الحلق ليس بنسك إلا الشافعيّ، وهي رواية عن أحمد، وحكي عن أبي يوسف، واللَّه تعالى أعلم.

٨ - (ومنها): طهارة المسك؛ لقوله في الرواية الآتية: "كنت أطيّب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. . . بطيب فيه مسك"، وهذا مجمع عليه، إلا في قول شاذّ، لا يُعتدّ به (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم الطيب عند الإحرام:


(١) راجع: "الفتح" ٤/ ١٧٨.
(٢) راجع: "طرح التثريب في "شرح التقريب" ٥/ ٨٣.