للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والراء، كما في روايتنا، وقال الآخر، وهو زهير بن حرب: "الْحُرُم" بضم الحاء والراء؛ أي: في المواضع الْحُرُم، جمع حَرَام كما قال: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، كذا بَيَّنَ القاضي في "المشارق" الضبطين، فقال: وفي رواية: "في الْحَرَم والإحرام"؛ أي: في حَرَم مكة، وجاء في رواية زهير: "في الْحُرُم والإحرام"؛ أي: في المواضع الْحُرُم، جمع حَرَام، كما قال: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}. انتهى.

قال: ولم يَفْهَم النووي في "شرح مسلم" ذلك على وجهه، فقال: اختلفوا في ضبط "الحرم" في رواية زهير، فضبطه جماعة من المحققين بفتح الحاء والراء؛ أي: الْحَرَم المشهور، وهو حرم مكة، والثاني بضم الحاء والراء، ولم يذكر القاضي في "المشارق" غيره، قال: وهو جمع حَرَام، كما قال تعالى: {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}، قال: والمراد به المواضع المحرمة، والفتح أظهر. انتهى.

وليس في رواية زهير اختلاف، والذي ضبطها به القاضي مُتَعَيِّنٌ، ولو كانت بالفتح لاتَّحَدت مع رواية ابن أبي عمر، وقد بيّن مسلم رَحِمَهُ اللهُ المغايرة بينهما، وكأن النوويّ رَحِمَهُ اللهُ لم يتأمل لفظ مسلم، ولا أول كلام القاضي، وإن كان أحدٌ ضبط رواية زهير "الْحَرَم" بفتحهما، فيتعين أن تكون رواية ابن أبي عمر "الْحُرُم" بضمهما، فإن مسلمًا رَحِمَهُ اللهُ قد صرح بالمغايرة بين لفظي شيخيه، وأن أحدهما قال: بفتحهما، والآخر بضمهما، فرواية ضمهما واقعة في "صحيح مسلم" بلا شك.

قال: وأما قوله في حديث عائشة - رضي الله عنها -: "في الْحِلّ والْحَرَم" فهو بفتح الحاء والراء بلا شكّ. انتهى كلام وليّ الدين رَحِمَهُ اللهُ (١)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا.

وتمام شرح الحديث يُعلم مما مضى في شرح حديث عائشة - رضي الله عنها -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "طرح التثريب" ٥/ ٧٠ - ٧١.