وقوله: ("أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ ") بتشديد الميم: جمع هامّة، وهي ما يدِبّ من الأحشاش، وهو القمل هنا.
وقوله:(قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَأَظُنُّهُ قَالَ: نَعَمْ) الضمير في "أظنّه"، وفي "قال: نعم" لكعب بن عُجرة - رضي الله عنه -، وأشار ابن عون بذلك إلى أنه شكّ في هذا دون ما قبله.
وقوله:(أَو نُسُكٍ مَا تَيَسَّرَ) بجرّ نسك عطفًا على "صيام"، وهو منوّن، وليس مضافًا إلى "ما تيسّر"، والمراد بما تيسّر هنا هي الشاة، كما في فُسّر في الروايات الأخرى.
قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ بعد إيراد روايات الباب: هذه روايات الباب، وكلها متفقة في المعنى، ومقصودها أن من احتاج إلى حلق الرأس لضرر، من قمل، أو مرض، أو نحوهما فله حلقه في الإحرام، وعليه الفدية، قال الله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَو بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ}، وبَيَّن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن الصيام ثلاثة أيام، والصدقة ثلاثة آصع لستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، والنسك شاة، وهي شاة تجزئ في الأضحية، ثم إن الآية الكريمة، والأحاديث متفقة على أنه مُخَيَّر بين هذه الأنواع الثلاثة، وهكذا الحكم عند العلماء، أنه مخير بين الثلاثة، وأما قوله في رواية:"هل عندك نسك؟ " قال: ما أقدر عليه، فأمره أن يصوم ثلاثة أيام، فليس المراد به أن الصوم لا يجزئ إلا لعادم الهدي، بل هو محمول على أنه سال عن النسك، فإن وجده أخبره بأنه مخير بينه وبين الصيام والإطعام، وإن عَدِمه فهو مخير بين الصيام والإطعام.
قال: واتفق جماهير العلماء على القول بظاهر هذا الحديث، إلا ما حُكي عن أبي حنيفة، والثوريّ أن نصف الصاع لكل مسكين إنما هو في الحنطة، فأما التمر والشعير وغيرهما، فيجب صاع لكل مسكين، وهذا خلاف نصّه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث ثلاثة آصع من تمر.
وعن أحمد بن حنبل روايةٌ أنه لكل مسكين مُدّ من حنطة، أو نصف صاع من غيره، وعن الحسن البصريّ، وبعض السلف أنه يجب إطعام عشرة